من المعلوم أن الشيعة فرقة ضالّة خارجة عن الإسلام، درجت على اختلاق الروايات المكذوبة وتشويه التاريخ الإسلامي، ولا سيما في الأحداث التي تتعلّق بالصحابة الكرام وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم جميعًا. ومن تلك الأكاذيب التي يروّجونها: أن عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر رضي الله عنهما قاما بعقر جمل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يوم الجمل، وأنهما حملاها بعد سقوط الجمل، مستدلين برواية من تاريخ خليفة بن خياط.
وهذه الرواية وإن ذُكرت في بعض كتب الأخبار، إلا أنّها ضعيفة الإسناد لا تصحّ بحال، وفي هذا المقال نكشف ضعفها من جهة الرواة والمصدر والمتن، ونبيّن زيف استدلال الشيعة بها.
| 
			 نص الرواية محل البحث:  | 
		
جاء في تاريخ خليفة بن خياط ما نصه:
«حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَاصِم، عَنْ حُصَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَمِيلَة البَكَائِي، قَالَ: إِنِّي لَفِي الصَّفِّ مَعَ عَلِيٍّ، إِذْ عُقِرَ بِأُمِّ المُؤْمِنِينَ جَمَلُهَا، فَرَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَشْتَدَّانِ أَن بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَيُّهُمَا يَسْبِقُ إِلَيْهَا، فَقَطَعَا عَرْضَةَ الرَّحْلِ فَاحْتَمَلَاهَا فِي هَوْدَجِهَا.
حَدَّثَنَا مَنْ سَمِعَ هُبَيْرَةَ بْنَ حُدَيْرٍ العَدَوِيَّ، قَالَ: نَا أَوْفَى بْنُ دِلْهَمٍ العَدَوِيُّ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا أَنْكَرْتُ رَأْسَ جَمَلِي حَتَّى فَقَدْتُ أَصْوَاتَ بَنِي عَدِيٍّ.»
| 
			 دراسة الإسناد والعلل:  | 
		
هذه الرواية ضعيفة الإسناد جدًا من عدة وجوه:
1️⃣ وجود مجاهيل في السند:
قول الراوي: «حدثنا من سمع هبيرة بن حدير» يدل على انقطاع الإسناد وجهالة الراوي الناقل عن هبيرة، إذ لم يُسمّ، فلا يُعرف عدالته ولا ضبطه، وهذا سبب كافٍ لرد الرواية.
2️⃣ هبيرة بن حدير العدوي ضعيف
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (ج 9 / ص 110): «هبيرة العدوي لا شيء.»
وقال ابن معين: «هبيرة العدوي لا شيء.» وقال أبو حاتم: «شيخ.»
ونقل الذهبي في لسان الميزان (ج 6 / ص 191):
«هبيرة بن حدير العدوي، عن سعد الحذاء وضرار بن عمرو، وعنه إسحاق بن سالم الضبي وغيره. قال ابن معين: لا شيء. وقال أبو حاتم: شيخ.»
وذكر المزي في التكميل في الجرح والتعديل (1/453): «قال ابن معين: لا شيء، وقال أبو حاتم: شيخ.»
فالرجل ضعيف لا يحتج به، كما أن الإسناد قبله فيه من هو مجهول كما تقدم، مما يجعل الرواية واهية لا تصحّ سندًا ولا تصلح للاستدلال.
| 
			 تحليل المتن ومخالفته للروايات الصحيحة:  | 
		
من حيث المتن، فإنّ الرواية تخالف ما تواتر من الروايات الصحيحة في أن عمار بن ياسر رضي الله عنه كان من أشد المدافعين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كما في حديثه المشهور: «والله إنها لزوجة رسول الله ﷺ في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم بها.»
(رواه البخاري رقم 7101)
وفي البداية والنهاية (7/264):
«سمع عمار رجلًا يسب عائشة فقال: اسكت مقبوحًا منبوحًا، والله إنها لزوجة رسول الله ﷺ في الدنيا والآخرة.»
فكيف يُعقل أن يكون عمار الذي نهى الناس عن سبّها واعتبرها زوجة النبي ﷺ في الآخرة هو نفسه من يعقر جملها؟
إن هذا التناقض دليل على بطلان الرواية وضعفها المتنيّ أيضًا.
| 
			 الرد على الشبهة الشيعية:  | 
		
يحاول الشيعة بهذه الرواية أن يطعنوا في الصحابة الكرام، وخاصة عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر رضي الله عنهما، وأن يوهموا الناس أنهما أساءا إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، لتشويه صورتهم عند المسلمين.
لكن الحقيقة أن الرواية باطلة سندًا كما بيّنا، ومنكرة متنًا لمخالفتها الثابت الصحيح.
ثم إن تاريخ خليفة بن خياط – رغم مكانته – ليس كتاب أحكام حديثية، وإنما كتاب أخبار وسير، يذكر الروايات بأسانيدها دون التزام الحكم عليها بالصحة.
وعليه فإن اعتماد الشيعة على هذه الرواية تدليس وجهل بالمنهج العلمي في نقد الأسانيد.
| 
			 الموقف الصحيح للصحابة من أم المؤمنين عائشة:  | 
		
لقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم بعد وقعة الجمل على تكريم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وأرجعوها إلى المدينة معززة مكرمة، ولم يُعرف عن أحدٍ منهم إساءة إليها.
بل قال علي رضي الله عنه نفسه: «إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة.» وأوصى بإكرامها وردّها إلى المدينة بأمان.
وهذا هو الثابت في جميع المصادر الصحيحة.
| 
			 المصادر:  | 
		
1) تاريخ خليفة بن خياط – رواية عقر الجمل.
2) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (ج9/110).
3) لسان الميزان للذهبي (ج6/191).
4) التكميل في الجرح والتعديل (ج1/453).
5) صحيح البخاري (حديث رقم 7101).
6) البداية والنهاية لابن كثير (7/264).