من الأحاديث التي يستدلّ بها الشيعة – وهي فرقة ضالّة انحرفت عن منهج الإسلام الصحيح – لإثبات وصاية عليٍّ رضي الله عنه للنبي ﷺ حديث: «هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا»، والذي يُروى في سياق قوله تعالى: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ[الشعراء: 214].

وقد استغلّ هذا الحديث بعض دعاة التشيّع قديماً وحديثاً للطعن في الصحابة، والترويج لعقيدة الإمامة الباطلة. غير أن التحقيق الحديثي الدقيق يُظهر أنّ هذا الحديث موضوع مكذوب، لا أصل له في كتب السنن أو الصحاح، وأن كل طرقه باطلة أو منكرة، كما بيّن أئمة النقد من المحدثين.
يهدف هذا المقال إلى بيان حقيقة الحديث، وتوضيح درجته، وذكر أقوال العلماء المحققين فيه، وبيان التلبيسات التي قام بها الرافضة في نسبته إلى الصحيحين أو غيرهما.

نص الرواية وبيان علّتها

تمام الرواية «أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه نا عبد الله بن أحمد نا أبو الحسن على بن موسى بن السمسار أنا محمد بن يوسف أنا أحمد بن الفضل الطبري نا أحمد بن حسين نا عبد العزيز بن أحمد بن يحيى الجلودي البصري نا محمد بن زكريا الغلابي نا محمد بن عباد بن أدم نا نصر بن سليمان نا محمد بن إسحاق عن عبد الغفار بن القاسم عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب قال

روى بعضهم عن عليٍّ رضي الله عنه قال:

«لما نزلت الآية ﴿ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾، ضقت بذلك ذرعًا، وعرفت أني متى أناديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمتُّ عليها حتى جاءني جبريل فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما تؤمر به سيعذبك ربك، فاصنع لنا صاعًا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، وأملِ لنا عَسًّا من لبن، واجمع لي بني عبد المطلب حتى أبلغهم. فصنع لهم الطعام وحضروا، فأكلوا وشبعوا وبقي الطعام. ثم قال رسول الله ﷺ: يا بني عبد المطلب، والله ما أعلم شابًّا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وإن ربي أمرني أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها جميعًا، فقلتُ: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي وقال: هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا».
فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع!»

حكم العلماء على الحديث

هذا الحديث موضوع، أي مكذوب على رسول الله ﷺ، لا يجوز روايته إلا للتحذير منه، وبيان بطلانه.

قال الذهبي: "في إسناده محمد بن زكريا الغلابي، وهو كذّاب وضّاع."
(الضعفاء والمتروكون للدارقطني: رقم 484).

وقال ابن حجر: "الحديث باطل من جميع طرقه، وفي بعضها عبد الغفار بن القاسم، وهو متروك كذاب رافضي، اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث."

وقال الذهبي عن عبد الغفار: "كوفي رافضي، قال يحيى: ليس بشيء، رافضي خبيث. وقال النسائي: ليس بثقة."

وقال الشيخ الألباني رحمه الله: "له عدة طرق كلها باطلة ومنكرة، ولم يثبت شيء منها." (سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم 4932)

تدليس عبد الحسين الموسوي والرد عليه

زعم عبد الحسين الموسوي في كتابه المراجعات أن هذا الحديث وارد في "صحاح السنن المأثورة"، بل ادعى أنه موجود في مسند أحمد ومستدرك الحاكم، ثم نسبه كذبًا إلى صحيح مسلم وصحيح البخاري!

وهذا كذب صريح؛ فليس في الصحيحين ولا في السنن ولا في المسند أثر لهذا الحديث.
وقد قلّده على هذا الكذب الخميني وغيره من شيوخ الضلالة، ليبنوا عليه بدعة "الوصية والخلافة الإلهية"، وهي عقيدة لا أصل لها في الإسلام.

وقد فضح الألباني هذا التدليس، قائلاً:

"زعم عبد الحسين أن الحديث في الصحاح، وهو في ذلك كذّاب. ثم أوهم القارئ أنه في الصحيحين، بل أضاف أنه صححه بعض المحققين، وكل ذلك باطل."
(سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم 4932).

النتيجة

الحديث المذكور موضوع مكذوب، لا يصح عن النبي ﷺ لا من قريب ولا بعيد، وقد أجمع المحدثون على بطلانه، وأنه من اختلاق الروافض الذين تلاعبوا بالأسانيد لإثبات ما لم ينزل الله به سلطانًا. وهو مثال واضح على تحريفهم للتراث الإسلامي ونسبتهم الأكاذيب إلى السنة النبوية لتأييد بدعهم.

المصادر والمراجع

الضعفاء والمتروكون الدارقطني (ص 484).

ميزان الاعتدال الذهبي (3/ 654).

لسان الميزان ابن حجر (5/ 125).

سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة محمد ناصر الدين الألباني (ج 9 ص 153–156، رقم 4932).

المراجعات عبد الحسين الموسوي (بتحقيق الرد عليه).

الرد على عبد الحسين الموسوي الألباني، ضمن السلسلة الضعيفة.