من المسائل التي أثارت الجدل بين طلاب العلم والباحثين مسألة زيارة النساء للقبور؛ إذ اختلفت فيها أقوال العلماء ما بين التحريم والكراهة والجواز، تبعًا لفهم الأحاديث النبوية الواردة في الباب. وقد تناولها العلماء بالبحث والتحقيق، وبينهم كبار المحدثين والفقهاء، وكذلك جاءت فتاوى الأزهر الشريف لتوضح الموقف الشرعي المعتمد في ضوء مقاصد الشريعة وآداب الزيارة.
| السؤال: | 
| 
			 هل زيارة النساء للقبور محرّمة كما قال الشيخ ابن عثيمين؟ وما هو رأي الأزهر الشريف في ذلك؟  | 
		
| الجواب: | 
| 
			 قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتاوى مهمة (ص149–150، طبعة الرياض): (زيارة القبور للنساء محرّمة من كبائر الذنوب، ولو كان القبر قبر النبي ﷺ). لكن الأزهر الشريف بيّن في فتواه (رقم 35) الصادرة في مايو 1997م، بإشراف فضيلة الشيخ عطية صقر رحمه الله، رأيًا مختلفًا، فقال: “إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أولًا عن زيارة القبور، لما كان عليه أهل الجاهلية من التفاخر وتعداد مآثر الآباء والأجداد، وهو ما أشار إليه قوله تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ (سورة التكاثر: 1–2). ثم رخص بعد ذلك في زيارتها لتذكّر الموت والاستعداد للآخرة، كما ورد في الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجه: (كنتُ نهيتُكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تُزهِّد في الدنيا وتُذكِّر الآخرة).” وأوضح الشيخ عطية صقر أن زيارة القبور مستحبة للرجال بإجماع المسلمين، بل أوجبها الظاهرية، غير أن الخلاف وقع في زيارة النساء، فقال: “إن النبي ﷺ لما رأى ما في خروج النساء من مفاسد نهاهن عن الزيارة، وبقي الإذن للرجال، وقال بعض العلماء: إن النهي عن زيارة النساء كان في أول الأمر، ثم لما رُخّص في الزيارة بقي الإذن للرجال فقط، واستمر المنع بالنسبة للنساء.” وبذلك، يرى الأزهر الشريف أن الأصل في زيارة النساء للقبور الجواز إن التزمن الآداب الشرعية، ولم يصحب الزيارة نياحة أو تجديد حزن أو اختلاط أو فتنة، وأن المنع الوارد في الأحاديث يتعلق بالمفسدة والفتنة لا بمجرد الزيارة ذاتها.  | 
		
الخلاصة:
♦ رأي ابن عثيمين: تحريم زيارة النساء للقبور مطلقًا، حتى قبر النبي ﷺ.
♦ رأي الأزهر الشريف: الجواز للنساء إذا التزمن بالآداب ولم تقع مفسدة.
♦ الخلاف قديم بين العلماء، ولكلٍ دليله ومقصده.
♦ المقصود بالزيارة هو العظة والدعاء، لا النياحة ولا التفاخر.
الحواشي:
1) فتاوى مهمة، ص149–150، طبعة الرياض.
2) فتوى الأزهر الشريف، الشيخ عطية صقر، موضوع (35) النساء وزيارة المقابر، مايو 1997م.
3) سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، حديث رقم (1571).
4) القرآن الكريم، سورة التكاثر، الآيتان (1–2).