الأحاديث الموضوعة في فضل زيارة قبر النبي: هل زيارة القبر شرط في الحج؟
تُعدُّ مسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من المسائل التي يكثر حولها اللبس، لا سيما بين العامة، حيث يعتقد البعض أنها شرطٌ في صحة الحج أو واجبٌ شرعي مستقل. يهدف هذا المقال إلى الإجابة على التساؤلات الأكثر شيوعًا حول هذه المسألة، استنادًا إلى الأدلة الصحيحة المتمثلة في حديث "لا تُشدُّ الرحال"، وعرض رأي العلماء المحققين مثل الإمام ابن باز وابن تيمية والحافظ ابن حجر في الأحاديث الواردة بخصوص فضل هذه الزيارة على وجه الخصوص، مع تفصيل تخريج تلك الأحاديث وبيان عللها وضعفها الشديد.
سؤال وجواب حول حكم زيارة قبر النبي والأحاديث المتعلقة بها:
| 
			 السؤال:  | 
		
| 
			 هل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم واجبة أو شرط في الحج؟  | 
		
| 
			 الجواب:  | 
		
| 
			 ليست واجبة ولا شرطًا في الحج، كما قد يظنه بعض العامة. بل هي مُستحبة في حق من زار المسجد النبوي الشريف أو كان قريبًا منه.  | 
		
س 2:
| 
			 السؤال:  | 
		
| 
			 ما حكم شد الرحال (السفر) من مكان بعيد بقصد زيارة قبر النبي؟  | 
		
| 
			 الجواب:  | 
		
| 
			 ليس مشروعًا، بل هو ممنوع؛ لما ثبت في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم: ﴿لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ (متفق عليه) [1]. التوجيه الشرعي: يُسن للبعيد شد الرحال لقصد المسجد الشريف؛ فإذا وصل إليه، زار القبر الشريف وقبر صاحبيه (رضي الله عنهما) تبعًا لزيارة المسجد، لا بقصد السفر للقبر وحده.  | 
		
س 3:
| 
			 السؤال:  | 
		
| 
			 ما التوجيه النبوي الذي يحذر من الغلو والإطراء في القبور؟  | 
		
| 
			 الجواب:  | 
		
| 
			 حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من اتخاذ قبره مكانًا للعبادة والغلو، فقال: ﴿لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلَا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ﴾ (أبو داود وأحمد) [2]. والقول بشرعية شد الرحال لزيارة القبر يفضي إلى اتخاذه عيدًا، وهو المحذور الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم.  | 
		
س 4:
| 
			 السؤال:  | 
		
| 
			 ما رأي العلماء المحققين في الأحاديث المروية في فضل زيارة قبر النبي، وهل هي صحيحة؟  | 
		
| 
			 الجواب:  | 
		
| 
			 من الأحاديث المروية التي يُحتج بها لشرعية شد الرحال إلى قبره صلى الله عليه وسلم هي أحاديث ضعيفة الأسانيد بل موضوعة (مكذوبة). وقد نبه على ضعفها الحفاظ الكبار، منهم: ◘ الدارقطني ◘ البيهقي ◘ الحافظ ابن حجر ◘ شيخ الإسلام ابن تيمية، الذي جزم بأن هذه الأحاديث كلها موضوعة. ◘ الحافظ العقيلي، الذي قال: "لا يصح في هذا الباب شيء".  | 
		
س 5:
| 
			 السؤال:  | 
		
| 
			 ما هي أبرز الأحاديث التي لا تثبت في فضل زيارة قبر النبي؟  | 
		
| 
			 الجواب:  | 
		
| 
			 هذه أربعة من أبرز الأحاديث التي لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ◘ "مَن حَجَّ وَلَمْ يَزُرْنِي فَقَدْ جَفَانِي." ◘ "مَن زَارَنِي بَعْدَ مَمَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي." ◘ "مَن زَارَنِي وَزَارَ أَبِي إِبْرَاهِيمَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ ضَمِنْتُ لَهُ عَلَى اللَّهِ الجَنَّةَ." ◘ "مَن زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي."  | 
		
س 6:
| 
			 السؤال:  | 
		
| 
			 ما هو التخريج العلمي لأحاديث فضل الزيارة، وما عللها؟  | 
		
| 
			 الجواب:  | 
		
طرق هذه الأحاديث كلها ضعيفة أو موضوعة، وعللها كالتالي:
| 
			 الحديث  | 
			
			 حُكمه وعلته  | 
			
			 الحافظ الذي حكم عليه  | 
		
| 
			 "من حج ولم يزرني فقد جفاني"  | 
			
			 لا يصح، بل هو موضوع.  | 
			
			 الذهبي، السخاوي (قال: لا يصح).  | 
		
| 
			 "من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي"  | 
			
			 ضعيف جدًا. مداره على حفص بن أبي داود القارئ (ضعيف، متروك عند النسائي، وعامة أحاديثه غير محفوظة)، وفي إسناده أيضًا ليث بن أبي سليم (صدوق اختلط أخيرًا فترك حديثه).  | 
			
			 البيهقي (تفرد به حفص وهو ضعيف)، ابن حبان.  | 
		
| 
			 "من زارني وزار أبي إبراهيم.."  | 
			
			 حديث باطل وموضوع.  | 
			
			 النووي (قال: وضعه الفجرة)، الزركشي.  | 
		
| 
			 "من زار قبري وجبت له شفاعتي"  | 
			
			 ضعيف جدًا مضطرب. فيه موسى بن هلال العبدي (مجهول أو صويلح الحديث، وأنكر ما عنده هذا الحديث)، وفيه خلاف في اسم الراوي (عبد الله أو عبيد الله بن عمر).  | 
			
			 النووي، أبو حاتم (مجهول)، الذهبي، الحافظ ابن حجر (قال: طرقه كلها ضعيفة).  | 
		
| 
			 السؤال:  | 
		
| 
			 لو صح شيء من هذه الأحاديث، فكيف يجب أن تُحمل؟  | 
		
| 
			 الجواب:  | 
		
| 
			 من لو صح شيء من هذه الأحاديث، لوجب حملها على الزيارة الشرعية التي ليس فيها شدُّ الرحال لقصد القبر وحده، وذلك جمعًا بينها وبين الأحاديث الصحيحة الثابتة الدالة على تحريم شد الرحال لغير المساجد الثلاثة.  | 
		
س 7:
| 
			 السؤال:  | 
		
| 
			 ما دلالة كراهية الإمام مالك للفظ "زرت قبر النبي"؟  | 
		
| 
			 الجواب:  | 
		
| 
			 من كراهية الإمام مالك (رحمه الله) أن يقول الرجل: "زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم" تدل على أنه: يرى أنَّ الأحاديث التي تحث على زيارة القبر بخصوصه لم تصح عنده. يرى أنَّ استعمال هذه العبارة قد يؤدي إلى اتخاذ القبر وثنًا يُعبَد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ﴿اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ...﴾.  |