كثيرًا ما يتشدّق المعمَّمون من مشايخ الفرقة الشيعية الضالة باتهام أهل السنة بأنهم يكرهون آل بيت النبي ﷺ، ويحاولون غرس هذه الفرية في عقول عوامهم حتى أصبح أتباعهم يردّدونها بلا علم ولا وعي.
لكن الحقائق التاريخية والحديثية تكشف أن أهل السنة هم حملة فضائل آل البيت وأئمتهم، وأنَّ معظم ما يُعرف اليوم من مناقب الإمام عليٍّ رضي الله عنه وأهل بيته قد نقله أهل السنة في كتبهم الصحيحة، بينما لم يستطع الشيعة أن يثبتوا فضيلة واحدة لعلي رضي الله عنه بسند صحيح على شروطهم التي ألزموا بها أنفسهم.
وهذا المقال يفضح زيف دعاوى القوم، ويبيّن أن أهل السنة هم المحبّون حقًّا لأهل البيت، إذ حفظوا سيرتهم وفضائلهم، بينما لم ينقل الشيعة إلا الأخبار الواهية والمختلقة التي لا تصمد أمام التحقيق العلمي.
أهل السُّنَّة ونقل فضائل آل البيت
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ، وبعد:
إنَّ المعمَّمين من مشايخ الرَّافضة كثيرًا ما يتَّهمون أهلَ السُّنَّةِ ببغضِ أهلِ البيت، ويُشيعون ذلك بين عامَّتهم، وعامَّتُهم –للأسف– كالأَنعام أمامَ كلامِ هؤلاء المعمَّمين.
وإذا جئنا إلى الحقائق، رأينا أنَّ أهلَ السُّنَّة هم نقلةُ فضائلِ أهلِ البيت، وأنَّ الرَّافضة لا يستطيعون نقلَ فضيلةٍ واحدةٍ لأحدِهم من طُرُقهم مُسنَدةً بسندٍ صحيحٍ.
بينما أهلُ السُّنَّةِ يَرْوُون في كُتُبهم فضائلَ أهلِ البيت، ومنهم الإمامُ عليٌّ رضي الله عنه.
فضائل الإمام علي في كتب أهل السنة
فقد جاء في الصحيحين أنَّ النبيَّ ﷺ قال:
«لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ غدًا رجلًا يُحبُّ اللهَ ورسولَه، ويُحبُّه اللهُ ورسولُه»
هذا الحديث يرويه أهلُ السُّنَّة الذين يدَّعي الرَّافضةُ أنَّهم نواصب، ويرويه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما اللذان يزعم الرَّافضةُ أنَّهما أعداءُ أهلِ البيت!
فباللهِ عليكم، أيُّ فضيلةٍ أعظمُ من هذه الفضيلة؟
إذْ يُبيِّن الحديث أنَّ اللهَ ورسولَه أحبَّا عليًّا رضي الله عنه، فأيُّ فضلٍ أعظمُ من ذلك؟
ولو كان أهلُ السُّنَّة يُبغضونه، لَمَا روَوا هذه الفضيلة له.
أتدرون لِماذا؟
لأنَّ هذه الصفة ملازمةٌ لإيمانِ العبدِ الصَّحيح، وهو أنَّه لا بُدَّ أن يُحبَّ من أحبَّه اللهُ ورسولُه، ويُبغِضَ من أبغضه اللهُ ورسولُه.
فإيمانُ أهلِ السُّنَّةِ بنشرِ هذه الفضيلة للإمام عليٍّ رضي الله عنه دليلٌ على إيمانهم بالله، ومحبتهم لمن أحبَّه الله.
منزلة علي من النبي ﷺ
ورُوي في الصحيحين أيضًا قولُ النبيِّ ﷺ لعليٍّ رضي الله عنه:
«أمَا تَرضى أن تكونَ منِّي بمنزلةِ هارونَ من موسى، إلَّا أنَّه لا نبيَّ بعدي».
كما نقل مسلم في صحيحه قولَ النبيِّ ﷺ لعليٍّ:
«والذي فَلَقَ الحبَّةَ وبرأَ النسمةَ، إنَّه لعهدُ النبيِّ الأُمِّيِّ إليَّ أنَّه لا يُحبُّني إلَّا مؤمنٌ، ولا يُبغضني إلَّا منافق».
باللهِ عليكم! يذكره مسلمٌ في صحيحه، ويُثبت صحته، ويعلم يقينًا أنَّ الرسول ﷺ قاله، ويعلم أنَّ المترتِّب على بُغضِ عليٍّ النِّفاقُ، ثم يُبغضه؟!
كلا والله، لو كان يُبغضه لما ذكر الحديث عنده، ولكنَّها دعاوى الكاذبين المنافقين، أبناءِ ابن سبأ اليهودي، أحفادِ المجوس، الذين يريدون هدمَ الدِّين.
التحدي للرافضة
والآن، أنا أُطالب الرَّافضةَ بأجمعهم أن يأتوا بحديثٍ واحدٍ صحيحٍ فيه فضيلةٌ لعليٍّ رضي الله عنه، مُسنَدٍ إلى النبي ﷺ، كما نقلتُ عن أهل السُّنَّة، ولكن بشروطهم هم التي وضعوها في تعريف الحديث الصحيح، وهي:
"ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط الإمامي عن مثله إلى منتهاه، من غير شذوذٍ ولا علَّةٍ."
الآن، أنا نقلتُ عن أهلِ السُّنَّة بعضَ فضائل عليٍّ رضي الله عنه، فلْيَنقلْ لي الرَّافضةُ فضيلةً واحدةً بسندٍ صحيحٍ، ليعلمَ العالمُ مَن الذي أحبَّ أهلَ البيت وذكر فضلهم، ومن الذي نصب لهم العداء، ولم يستطع أن يأتي بفضيلةٍ واحدةٍ لأكبرِ أئمتهم الاثني عشر عندهم.
وبهذا يتبيَّن للناس أنَّ الرَّافضة جمعوا بين الرَّفض والنَّصب:
الرَّفضُ للحقِّ، والنَّصبُ للمؤمنين.
الشبهة:
يدّعي الشيعة الإمامية أن أهل السنة يبغضون الإمام عليًّا رضي الله عنه، ويزعمون أنهم "نواصب" أعداءٌ لآل البيت، وأن كتب الحديث السنية خلت من مناقب عليٍّ وأهل بيته، وأن محبة أهل البيت لا توجد إلا في مذهبهم.
الرد:
هذه الدعوى من أكذب الدعاوى وأبعدها عن الواقع، إذ إن كتب أهل السنة هي المصدر الأول والأوثق لفضائل الإمام عليٍّ رضي الله عنه.
ففي الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث الثابتة نجد عشرات الأحاديث في فضائل عليٍّ رضي الله عنه، منها:
حديث الراية الذي رواه البخاري ومسلم، أن النبي ﷺ قال يوم خيبر:
«لأعطينَّ الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله».
فكان عليٌّ رضي الله عنه هو صاحب هذه المنقبة العظيمة التي لم تُعط لأحدٍ غيره.
وهذه الرواية يرويها أهل السنة الذين يتهمهم الشيعة زورًا بأنهم أعداء آل البيت. فهل من يروي أن الله ورسوله يحبان عليًّا يكون مبغضًا له؟!
حديث المنزلة، وهو في الصحيحين أيضًا، قال فيه النبي ﷺ لعليٍّ رضي الله عنه:
«أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي».
وهذا أعظم تشريف لعليٍّ رضي الله عنه، ويدل على منزلته الرفيعة عند النبي ﷺ.
حديث الإيمان والنفاق، رواه مسلم في صحيحه، قال فيه النبي ﷺ:
«لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق».
فقد أثبت مسلم – وهو من أئمة أهل السنة – أن حب عليٍّ من علامات الإيمان، وأن بغضه نفاق.
فهل يمكن لعالمٍ يعلم ذلك أن يبغضه؟ أم أن أهل السنة هم الذين صدقوا في حب عليٍّ ونقلوا فضائله؟
والعجيب أن الشيعة أنفسهم لا يملكون رواية واحدة صحيحة السند إلى النبي ﷺ تثبت فضيلة لعليٍّ وفق شروطهم هم، أي:
(ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط الإمامي عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة).
ومع كثرة كتبهم وأسانيدهم لا يستطيعون أن يثبتوا فضيلة واحدة لعليٍّ رضي الله عنه من طريق إمامي صحيح، في حين أن فضائله في كتب السنة متواترة ثابتة صحيحة.
إذن يتبيّن أن الفرقة الشيعية جمعت بين الرفض والنصب؛ رفضت الحق الذي جاء به النبي ﷺ، ونصبت العداء لأهل الإيمان من الصحابة، بينما أهل السنة هم الذين أحبوا آل البيت وأكرموهم ونقلوا مناقبهم وفضائلهم بدقة وصدق.