من أعظم الجرائم الفكرية التي ارتكبها الشيعة عبر القرون هي اختلاق الأحاديث والروايات الباطلة ونسبتها زورًا إلى التاريخ الإسلامي ورجاله، خاصةً في أحداث الفتن الكبرى التي أعقبت مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، ثم وقعة الجمل وصفين وغيرها.

وهذه الروايات لم تُروَ إلا عن طريق رواةٍ وضّاعين مجهولين عُرفوا بالكذب والتحامل على الصحابة وأهل السنة، ومن أبرزهم سيف بن عمر التميمي الذي أجمع المحدثون على كذبه، ومن دونه رجال مجهولون لا يُعرفون إلا من كتب الشيعة وأتباعهم.

وليس خافيًا أن الهدف من نشر هذه الأحاديث هو الطعن في الصحابة رضي الله عنهم، وتشويه صورة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وإثارة الفتن بين المسلمين، ولذلك فإن مثل هذه الروايات لا يُعتد بها ولا يُبنى عليها تاريخ ولا عقيدة، بل هي من الأكاذيب التي استغلها خصوم الإسلام لتشويه صورته الناصعة.

فالشيعة ليسوا من جماعة المسلمين، وإنما هم فرقة ضالة مبتدعة خالفت كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، وسلكت طريق التحريف والتدليس في النقل والرواية، حتى صار الكذب عندهم عبادة تُعرف باسم التقية. ومن هنا كان من الواجب على الباحث المسلم أن يتنبه لهذه المكائد الفكرية، وألا يأخذ من رواياتهم إلا بعد التمحيص والرجوع إلى مصادر أهل السنة الموثوقة.

النص المروي ونقده العلمي:

الرواية:

كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن عطية ابن بِلالٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: اشْتَدَّ الأَمْرُ حَتَّى أَرَزَتْ مَيْمَنَةُ الْكُوفَةِ إِلَى الْقَلْبِ، حَتَّى لَزَقَتْ به، ولزقت مَيْسَرَةَ الْبَصْرَةِ بِقَلْبِهِمْ، وَمَنَعُوا مَيْمَنَةَ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يَخْتَلِطُوا بِقَلْبِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا إِلَى جَنْبِهِمْ، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَيْسَرَةُ الْكُوفَةِ وَمَيْمَنَةُ الْبَصْرَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- لِمَنْ عَنْ يَسَارِهَا: مَنِ الْقَوْمِ؟

قَالَ صَبْرَةُ بْنُ شَيْمَانَ: بَنُوكِ الأَزْدَ، قَالَتْ: يَا آلَ غَسَّانَ! حَافِظُوا الْيَوْمَ جِلادَكُمُ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُ بِهِ، وَتَمَثَّلَتْ:

وَجَالَدَ مِنْ غَسَّانَ أَهْلُ حِفَاظِهَا ... وَهِنْبٌ وَأَوْسٌ جَالَدَتْ وَشَبِيبٌ

وَقَالَتْ لِمَنْ عَنْ يَمِينِهَا: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ، قَالَتْ: لَكُمْ يَقُولُ الْقَائِلُ:

وَجَاءُوا إِلَيْنَا فِي الْحَدِيدِ كَأَنَّهُمْ ... مِنَ الْعِزَّةِ الْقَعْسَاءِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ

إِنَّمَا بِإِزَائِكُمْ عَبْدُ الْقَيْسِ فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ مِنْ قِتَالِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلَتْ عَلَى كَتِيبَةٍ بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: بَنُو نَاجِيَةَ، قَالَتْ: بَخٍ بَخٍ! سُيُوفٌ أَبْطَحِيَّةٌ، وَسُيُوفٌ قُرَشِيَّةٌ، فَجَالِدُوا جِلادًا يُتَفَادَى مِنْهُ ثُمَّ أَطَافَتْ بِهَا بنو ضبة، فقالت: ويها جَمْرَةُ الْجَمَرَاتِ! حَتَّى إِذَا رَقَوْا خَالَطَهُمْ بَنُو عَدِيٍّ، وَكَثُرُوا حَوْلَهَا، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا:

بَنُو عَدِيٍّ، خَالَطْنَا إِخْوَانَنَا، فَقَالَتْ: مَا زَالَ رَأْسُ الْجَمَلِ مُعْتَدِلا حَتَّى قُتِلَتْ بَنُو ضَبَّةَ حَوْلِي، فَأَقَامُوا رَأْسَ الْجَمَلِ، ثُمَّ ضَرَبُوا ضَرْبًا ليس بالتعذير،....

تاريخ الطبري

سيف بن عمر معروف بالكذب ما يحتاج نذكره وهذا يكفي لنسف هذي الشبهة:

[517] "شعيب" بن إبراهيم الكوفي راوية كتب سيف عنه فيه جهالة انتهى ذكره ابن عدي وقال ليس بالمعروف وله أحاديث وأخبار وفيه بعض النكرة وفيها ما فيه تحامل على السلف وفي ثقات بن حبان شعيب بن إبراهيم من أهل الكوفة يروى عن محمد بن أبان البلخي روى عنه يعقوب بن سفيان فيحتمل أن يكون هو والظاهر أنه غيره.

لسان الميزان ج 3 ص 154

3704 - شعيب بن إبراهيم الكوفي، راوية كتب سيف عنه، فيه جهالة.

ميزان الاعتدال ج 2 ص 275

2769 - شُعَيْب بن ابراهيم الْكُوفِي الرَّاوِي عَن سيف كتبه فِيهِ جَهَالَة

المغني في الضعفاء ج 1 ص 298