تُعد الروايات الموضوعة أحد أخطر الأساليب التي استخدمتها الفرقة الشيعية الضالة عبر التاريخ لتبرير معتقداتها الباطلة والطعن في أصحاب النبي ﷺ. ومن بين تلك الروايات المنتشرة على ألسنة بعضهم، روايتان شهيرتان يُراد بهما تشويه صورة الصحابة وتزوير التاريخ الإسلامي. الرواية الأولى تقول إن عليًّا رضي الله عنه قال: «صَبْرًا فإنما يصبر الأحرار»، والثانية تزعم أن الصحابة قاتلوا بين يدي السيدة فاطمة رضي الله عنها حتى قُتل منهم أربعة آلاف رجل.
لكن الحقيقة الصارخة أن هاتين الروايتين مكذوبتان، وناقلوهما ليسوا من أهل السنة، بل من الرواة الشيعة المعروفين بالوضع والتحريف، كما سنبيّن بالنصوص والتوثيق من كتبهم أنفسهم.
🟠 الرواية الأولى: «صبرًا فإنما يصبر الأحرار»:
يستند بعض الشيعة إلى ما نُسب زورًا للإمام عليٍّ رضي الله عنه من قوله: «صبرًا فإنما يصبر الأحرار»، ليدللوا على أن عليًّا رضي الله عنه كان مظلومًا ساكتًا عن حقه، وأنه امتنع عن القتال صبرًا على الأذى.
لكن هذه الرواية كذب محض، ولا وجود لها في أي مصدر من مصادر أهل السنة، ولم تُروَ بسندٍ صحيح ولا ضعيف في كتب الحديث المعتمدة.
بل إن الناقل الوحيد لها هو ابن أبي الحديد في كتابه شرح نهج البلاغة، وهو معتزلي الميل، متأثر بالشيعة، ونقله عن مصادر رافضية لا يُوثق بها.
وقد قال العلماء في شأن ابن أبي الحديد:
(كان صاحب هوى، ينقل عن كتب الشيعة ما يوافقهم دون تمحيص).
فكيف يُقبل من هذا الراوي أن ينسب كلامًا خطيرًا إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه دون سندٍ صحيح ولا إسنادٍ معروف؟
إذن فالرواية باطلة من حيث السند والمتن، وتُعدّ من الموضوعات التي لا أصل لها.
الرواية الثانية: «فغاروا وقاتلوا بين يديها حتى قتل منهم أربعة آلاف رجل»:
وأما الرواية الثانية فهي أكثر جرأة في الكذب والافتراء، إذ تزعم أن الصحابة قاتلوا بين يدي السيدة فاطمة رضي الله عنها حتى قُتل منهم أربعة آلاف رجل!
وهذه الرواية أشد بطلانًا من سابقتها، إذ لا وجود لها في كتب السنة، ولا حتى في كتب التاريخ المعتمدة عند المسلمين.
الناقل الوحيد لها هو ابن أعثم الكوفي في كتابه الفتوح، وهو شيعي رافضي متهم بالكذب والتحريف. وقد وصفه العلماء بأنه من الوضّاعين الذين دسّوا الروايات الموضوعة في التاريخ.
قال الذهبي في ميزان الاعتدال:
«ابن أعثم الكوفي رافضيٌّ إخباريٌّ، يروي المناكير والأباطيل».
إذن فالرواية لا أصل لها، وهي من اختلاقات الروافض لتبرير موقفهم العدائي من الصحابة الكرام، ومحاولة ترسيخ صورة مظلومية مفتعلة لأهل البيت رضي الله عنهم.
🟣 نقد النصوص من جهة المعنى:
حتى من جهة المعنى، فإن الروايتين تتناقضان مع سيرة عليٍّ رضي الله عنه الذي كان من أشجع الناس وأبعدهم عن النفاق أو التلون، وكان من أشدّ الناس تمسكًا بالكتاب والسنة، لا يعرف المداهنة ولا الكتمان عن الحق.
فكيف يُنسب إليه كلام يوهم الضعف والتخاذل؟
وكيف يُتصوّر أن يُقتل أربعة آلاف رجل من الصحابة أمام بيت فاطمة رضي الله عنها ولا يُذكر ذلك في كتب التاريخ والحديث المعتبرة؟ إنها خرافة لا يصدقها عقل ولا يقرها نقل.
🟢 الرد العلمي على الشبهة:
الشبهة الأساس هي الزعم بأن الإمام عليًّا رضي الله عنه كان مقهورًا لا يستطيع قول الحق.
والجواب: إن هذا افتراء يناقض ما عُرف عن عليٍّ رضي الله عنه من شجاعةٍ وصدقٍ وجرأةٍ في قول الحق، فقد شهد له النبي ﷺ بذلك في أحاديث صحيحة.
كما أن السكوت عن الباطل لا يكون من صفات من رباه النبي ﷺ في حجره، وإنما هو من سمات المنافقين، وعليٌّ رضي الله عنه من أبعد الناس عن النفاق.