.. الرد على أكاذيب الشيعة حول وقعة الجمل
كثيرًا ما تُحاول الفرقة الشيعية الضالة تشويه رموز الإسلام، والطعن في الصحابة الكرام، وعلى رأسهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، باتهامات باطلة لا سند لها. ومن أبرز تلك الأكاذيب زعمهم أنها خرجت لحرب أمير المؤمنين عليٍّ رضي الله عنه في وقعة الجمل، وهي رواية يرددها الرافضة لتشويه التاريخ وتبرير عدائهم للصحابة.
غير أن الحقيقة التي يثبتها التاريخ الصحيح، وتشهد بها نصوص أهل السنة الموثوقة، أن خروج أم المؤمنين رضي الله عنها كان سعيًا للإصلاح بين الناس، وأنها لم تخرج لقتال ولا فتنة، بل أرادت جمع الكلمة وحقن الدماء. لكن المفسدين من قتلة عثمان دبّروا مكيدة ليشعلوا الحرب فجأة بين المعسكرين، فكانت الفتنة الكبرى التي برّأ الله منها الصحابة أجمعين.
| 
			 🟠 خروج أم المؤمنين للإصلاح لا للحرب  | 
		
ثبت في مسند الإمام أحمد (6/97) عن عائشة رضي الله عنها أنها خرجت بنية الإصلاح، حيث قال الزبير رضي الله عنه لها:
((تَرْجِعِينَ عَسَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُصْلِحَ بِكِ بَيْنَ النَّاسِ)).
وقد أخرج الحديث أيضًا الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/234) وقال:
((رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح)).
كما صححه الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/177-178) بقوله: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجوه)).
وأكد المحدث شعيب الأرناؤوط صحة الحديث فقال:
في حاشيته على سير أعلام النبلاء معلقاً على الحديث في الحاشية رقم (2) مانصه:
((إسناده صحيح كما قال المؤلف، وهو في المسند 6/52 و97، وصححه ابن حبان (1831)، والحاكم 3/120، ووافقه الذهبي... وسنده على شرط الصحيح)).
وقال: أخرج هذا أحمد وأبو يعلى والبزاز، وصححه ابن حبان والحاكم وسنده على شرط الصحيح. وقال الحافظ ابن كثير في " البداية " 6 / 212 بعد أن ذكره من طريق الامام أحمد: وهذا إسناد على شرط الصحيحين ولم يخرجوه)). سير أعلام النبلاء 2/177-178
بل قال الشيخ مقبل الوادعي في صحيح دلائل النبوة (ص505):
((صحيح على شرط الشيخين)).
فهذه النصوص القاطعة تبرهن أن خروج أم المؤمنين رضي الله عنها لم يكن لحربٍ ولا فتنة، بل للإصلاح بين الناس كما صرّحت بنفسها.
| 
			 شهادة كتب السنة المعتبرة:  | 
		
ورد في صحيح ابن حبان (15/126) قول عائشة رضي الله عنها:
((ما أظنني إلا راجعة، قالوا: مهلاً يرحمك الله، تقدمين فيراك المسلمون فيُصلح الله بك)).
كما جاء في شذرات الذهب (1/42) لابن العماد الحنبلي:
((وحين وصل عليٌّ إلى البصرة، جاء إلى عائشة فقال لها: غفر الله لك، قالت: ولك، ما أردت إلا الإصلاح)).
وذكر ابن كثير في البداية والنهاية (7/264-265) تفاصيل اللقاء فقال:
بعث علي القعقاع رسولا إلى طلحة والزبير بالبصرة يدعوهما إلى الالفة والجماعة، ويعظم عليهما الفرقة والاختلاف، فذهب القعقاع إلى البصرة فبدأ بعائشة أم المؤمنين.
((فقال القعقاع لعائشة: أي أماه، ما أقدمك هذا البلد؟ فقالت: الإصلاح بين الناس...)).
فسألها أن تبعث إلى طلحة والزبير ليحضرا عندها، فحضرا فقال القعقاع: إني سألت أم المؤمنين ما أقدمها؟ فقالت إنما جئت للاصلاح بين الناس، فقالا: ونحن كذلك قال: فأخبراني ما وجه هذا الاصلاح؟ وعلى أي شئ يكون؟
فوالله لئن عرفناه لنصطلحن، ولئن أنكرناه لا نصطلحن، قالا: قتلة عثمان، فإن هذا إن ترك كان تركا للقرآن)). البداية والنهاية 7/264-265
ثم أوضح أن عليًّا وطلحة والزبير اتفقوا على الإصلاح، وأن قتلة عثمان هم من أشعلوا الفتنة في آخر الليل، فقال:
((وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس)).
| 
			 تأكيدات العلماء والمحققين:  | 
		
قال القاضي الباقلاني في التمهيد في الرد على الملحدة (ص223):
((إن الوقعة بالبصرة بينهم كانت على غير عزيمة على الحرب بل فجأة، وعلى سبيل دفع كل واحد من الفريقين عن أنفسهم لظنه أن الفريق الآخر قد غدر به، لأن الأمر كان قد انتظم بينهم وتم الصلح والتفرق على الرضا، فخاف قتلة عثمان من التمكن منهم والإحاطة بهم ، فاجتمعوا وتشاوروا واختلفوا، ثم اتفقت أراءهم على أن يفترقوا ويبدؤوا بالحرب سحرة في العسكرين، ويختلطوا ويصيح الفريق الذي في عسكر علي: غدر طلحة والزبير، ويصيح الفريق الآخر الذي في عسكر طلحة والزبير: غدر علي، فتم لهم ذلك على ما دبروه، ونشبت الحرب، فكان كل فريق منهم مدافعاً لمكروه عن نفسه، ومانعاً من الإشاطة بدمه، وهذا صواب من الفريقين وطاعة لله تعالى إذا وقع، والامتناع منهم على هذا السبيل، فهذا هو الصحيح المشهور، وإليه نميل وبه نقول)).
وقال ابن العربي في العواصم من القواصم (ص159):
((لم يتركهم أصحاب الأهواء، وبادروا بإراقة الدماء، فاشتجر القوم، وكثرت الغوغاء على البغواء، كل ذلك حتى لايقع برهان، ولا تقف الحال على بيان، ويخفى قتلة عثمان، وإن واحداً في الجيش يفسد تدبيره فكيف بألف وكان كل فريق يظن أن الآخر غدر به، وفسدت نيات المفسدين)).
وأكّد ابن حزم في الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/238-239) أن الصحابة لم يخرجوا لقتال عليٍّ، فقال:
((وأما أم المؤمنين والزبير وطلحة - رضي الله عنهم - ومن كان معهم فما أبطلوا قط إمامة علي ولا طعنوا فيها... فقد صح صحة ضرورية لا إشكال فيها أنهم لم يمضوا إلى البصرة لحرب علي ولا خلافاً عليه ولا نقضاً لبيعته ... وبرهان ذلك أنهم اجتمعوا ولم يقتتلوا ولا تحاربوا، فلما كان الليل عرف قتلة عثمان أن الإراغة والتدبير عليهم، فبيتوا عسكر طلحة والزبير، وبذلوا السيف فيهم فدفع القوم عن أنفسهم فرُدِعُوا حتى خالطوا عسكر علي، فدفع أهله عن أنفسهم، وكل طائفة تظن ولا تشك أن الأخرى بدأتها بالقتال، فاختلط الأمر اختلاطاً لم يقدر أحد على أكثر من الدفاع عن نفسه، والفسقة من قتلة عثمان، لعنهم الله لا يفترون من شب الحرب وإضرامها)).
ويقول ابن كثير (البداية والنهاية 7/266.)
واصفاً الليلة التي اصطلح فيها الفريقان من الصحابة: وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورون، وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس
وقال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية (2/723):
((فجرت فتنة الجمل على غير اختيار من علي ولا من طلحة والزبير، وإنما أثارها المفسدون بغير إرادة من السابقين)).
وأكد ابن العربي في أحكام القرآن (3/570) أن خروجها كان اقتداءً بالقرآن الكريم:
((خروجها إلى حرب الجمل فما خرجت لحرب، ولكن تعلق الناس بها وشكوا إليها ما صاروا إليه من عظيم الفتنة وتهارج الناس، ورجوا بركتها في الإصلاح وطمعوا في الاستحياء منها إذا وقفت للخلق، وظنت هي ذلك خرجت مقتديةً بقول الله تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾، وبقوله تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾)).
| 
			 🟠 الرد على الشبهة الشيعية:  | 
		
يزعم الشيعة أن أم المؤمنين خرجت ضد الإمام عليٍّ رضي الله عنه، لكن النصوص المتواترة من مصادر السنة الصحيحة تنفي ذلك جملةً وتفصيلًا.
فلم يكن هناك خروج لحرب، وإنما خروج للإصلاح، والحرب إنما وقعت مؤامرةً من قتلة عثمان الذين أرادوا أن يُخفوا جريمتهم بإشعال نار الفتنة بين الصحابة.
إذن، فادعاء الشيعة تحريفٌ للتاريخ، وطعنٌ في الصحابة بغير علمٍ ولا بينة.
| 
			 🟠 المصادر:  | 
		
◘ مسند الإمام أحمد (6/97).
◘ مجمع الزوائد – الهيثمي (7/234).
◘ سير أعلام النبلاء – الذهبي (2/177-178).
◘ صحيح ابن حبان (15/126).
◘ البداية والنهاية – ابن كثير (7/264-266).
◘ التمهيد في الرد على الملحدة – الباقلاني (ص223).
◘ العواصم من القواصم – ابن العربي (ص159).
◘ أحكام القرآن – ابن العربي (3/570).
◘ شرح العقيدة الطحاوية – ابن أبي العز (2/723).
◘ الفصل في الملل والأهواء والنحل – ابن حزم (4/238).
◘ شذرات الذهب – ابن العماد (1/42).