كثيرًا ما يعتمد أتباع الفرقة الشيعية الضالة على روايات موضوعة وأحاديث باطلة ينسبونها إلى الإمام عليٍّ رضي الله عنه، ليبرروا بها مواقفهم السياسية والعقدية التي تخالف منهج الإسلام الحق. وهذه الروايات تُصاغ أحيانًا لتشويه صورة الصحابة الكرام أو لإثارة الفتنة بين المسلمين، وهي في حقيقتها منسوبة إلى مصادر غير موثوقة، ورجالٍ معروفين بالكذب والوضع. إنّ الإمام عليًّا رضي الله عنه لم يكن داعية فتنة، ولا محرضًا على سفك الدماء، بل كان كما وصفه خصومه قبل محبيه، رجلًا يريد الإصلاح في الأمة ولمّ شمل المسلمين.

وفي هذا المقال نكشف زيف روايات نسبت إليه زورًا، ونبيّن حقيقة موقفه الشريف من الفتنة، من خلال النصوص الصحيحة والآثار الثابتة، ليتضح للقارئ أن الإمام عليًّا كان يسعى للحق والإصلاح، لا للفرقة والقتال.

رواية “صبرًا فإنما يصبر الأحرار” رواية باطلة:

من الروايات التي يروّج لها بعض أتباع الشيعة، ما نُقل في "شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد المعتزلي، أن الإمام عليًّا قال: «صبرًا فإنما يصبر الأحرار»، وهي رواية يزعمون أنها تدل على مهادنته للباطل، وهي باطلة لا أصل لها في كتب أهل السنة.

فابن أبي الحديد ليس من أهل السنة، بل كان متأثرًا بالرافضة، ونقله لا يُعتمد عليه، إذ لا يذكر سندًا صحيحًا ولا توثيقًا معتبرًا. ولو فتّشنا كتب الحديث المعتبرة كـ"البخاري" و"مسلم" و"المسند" و"السنن"، لما وجدنا لها أصلًا ولا إسنادًا.

إذن فالرواية مكذوبة، لا يمكن أن تُبنى عليها عقيدة ولا رأي في الإمام عليٍّ رضي الله عنه.

رواية “فغاروا وقاتلوا بين يديها” مكذوبة ومنسوبة إلى كذاب

كذلك يُروّج البعض رواية أخرى تقول: «فغاروا وقاتلوا بين يديها على أشد ما يكون حتى قتل منهم أربعة آلاف رجل»، ويزعمون أنها عن معركة الجمل، وأنها من كلام الإمام عليٍّ.

وهذه الرواية منقولة في كتاب “الفتوح” لابن أعثم الكوفي، وهو رجل كذاب رافضي متروك الحديث، كما نص العلماء. قال الذهبي في "ميزان الاعتدال": «ابن أعثم متهم بالتشيع والضعف».

فالرواية لا تصح، ولا يجوز الاحتجاج بها في تاريخ الإسلام، لأنها صادرة عن مصدر غير سُنّي، معروف بالكذب والوضع.

الإمام عليٌّ رضي الله عنه يريد الإصلاح لا القتال:

وفي المقابل، فإن النصوص الصحيحة التي نقلها أهل السنة الثقات، تبيّن أن الإمام عليًّا رضي الله عنه لم يكن طالب حرب، وإنما كان يسعى إلى الإصلاح بين المسلمين بعد مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه.

جاء في البداية والنهاية لابن كثير (7/264):

 قام القعقاع بن عمرو فقال: إن الحق ما قاله الأمير، ولكن لابد للناس من أميرٍ يردع الظالم ويُعطي المظلوم، وينتظم به شمل الناس، وأمير المؤمنين عليٌّ وليٌّ بما ولي، وقد أنصف بالدعاء، وإنما يريد الإصلاح، فانفروا إليه.

وقام عبد خير فقال: الناس أربع فرق: عليٌّ بمن معه في ظاهر الكوفة، وطلحة والزبير بالبصرة، ومعاوية بالشام، وفرقة بالحجاز لا تقاتل ولا عناء بها، فقال أبو موسى: أولئك خير الفرق، وهذه فتنة.

ثم تراسل الناس في الكلام، ثم قام عمّار والحسن بن عليٍّ في الناس على المنبر يدعوانهم إلى النفير إلى أمير المؤمنين، فإنه إنما يريد الإصلاح بين الناس.

وهذا النصّ واضح صريح في أن عليًّا رضي الله عنه ما خرج لقتال ولا لثأر، وإنما خرج للإصلاح بين فئتين من المسلمين كما أمر الله تعالى في قوله ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَاالحجرات: 9.

موقف عليٍّ رضي الله عنه من الفتنة:

لم يكن الإمام عليٌّ طالب دنيا ولا سلطة، بل كان حريصًا على بقاء الأمة مجتمعة. وقد ثبت في روايات صحيحة أنه كان يقول:

"والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولكن لأقيم حقًّا وأزيل باطلًا."

فموقفه ينسجم مع القرآن والسنة، إذ كان يسعى لجمع كلمة المسلمين، بينما استغلّ الرافضة بعض الوقائع لإيهام الناس بأنه كان ضد الصحابة، وهذا كذب وافتراء عليه رضي الله عنه.ثم تراسل الناس في الكلام ثم قام عمار والحسن بن علي في الناس على المنبر يدعوان الناس إلى النفير إلى أمير المؤمنين، فإنه إنما يريد الاصلاح بين الناس

البداية والنهاية 7/264