كثُر في الآونة الأخيرة استغلال بعض خصوم أهل السنة، لا سيما فرقة الشيعة الضالّة، لنصوص العلماء اقتطاعًا وتحريفًا بغرض التشنيع والطعن في رموز الإسلام. ومن جملة ما أثاروه مؤخرًا زعمهم أن الإمام ابن القيم الجوزية ـ رحمه الله ـ أباح للمرأة استعمال الإكرنبج (وهو قضيب صناعي يُتخذ من الجلد أو القثاء) وأنه أجاز للرجل الاستمناء في بطيخة مقورة! وهذه الدعوى الشنيعة لا تستند إلى فهم علمي ولا نقل أمين، بل هي نموذج واضح لطريقتهم في اجتزاء النصوص من سياقها لإلصاق التهم بعلماء الإسلام.
في هذا المقال نوضح حقيقة كلام ابن القيم في بدائع الفوائد، ونبيّن أنه لم يُبح شيئًا من ذلك، وإنما نقل أقوال بعض الفقهاء للبيان ثم رجّح التحريم، مستدلًا بالسنة النبوية في قوله ﷺ: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (رواه البخاري ومسلم).
كما سنعرض السياق الكامل لكلامه وكلام غيره من علماء المذهب الحنبلي، لتتضح الصورة جلية، ويظهر زيف دعوى من افترى عليه، وأن مقصوده التحذير من هذه الأفعال لا الترخيص بها.
ما قضية الإكرنبج والاستدخال؟!
ابن القيّم الجوزية يخبركم قائلاً:
(وإن كانت امرأة لا زوج لها واشتدت غلمتها فقال بعض أصحابنا يجوز لها اتخاذ الاكرنبج وهو شيء يعمل من جلود على صورة الذكر فتستدخله المرأة أو ما أشبه ذلك من قثاء وقرع صغار..
(بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية / ج 4 / ص 905)
أقول: آخر المشاريع التجارية الناجحة هي افتتاح محلات اكرنبج بأحجام مختلفة! (يُبقى بعيداً عن متناول الأطفال)
....ومن استمنى بيده خوفا من الزنا أو خوفا على بدنه فلا شيء عليه..... وحكم المرأة في ذلك حكم الرجل فتستعمل أشيــاء مثــل الذكــر..)
(كشف القناع - منصور بن يونس البهوتي الحنبلي / ج6 / كتاب الحدود / باب التعزير / ط دار الكتب العلمية الاولى 1418م، وهي تعليقة على متن وهو كتاب الإقناع للحجاوي الصالحي)
أقول: أنصفوهم... يخافون على أبدانهم فما شأنكم أنتم!.... اسم الله على ابدانهم....
.. وقد جعل الشارع الصوم بدلاً من النكاح، والاحتلام مزيلا لشدة الشبق مفتر للشهوة، ويجوز خوف زنا، وعنه: يكره.  والمرأة كالرجل فتستعمل شيئــاً مثل الذكـر ويحتمل المنع وعدم القياس، ذكره ابن عقيل))
الفروع - محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي / ج 6 / ص 120 / ط دار الكتب العلمية 1418هـ الأولى وفي ط عالم الكتب / ج6 / ص99 / 1985م / كذلك أيضا المبدع في شرح المقنع / ج9 / ص107)
حكم المرأة في ذلك حكم الرجل، فتستعمل شيئا مثل الذكر عند الخوف من الزنا، وهذا الصحيح، قدمه في الفروع. وقال القاضي في ضمن المسألة لما ذكر المرأة قال بعض أصحابنا: لا بأس به إذا قصدت به إطفاء الشهوة والتعفف عن الزنا
(الإنصاف / علي بن سليمان المرداوي الحنبلي / ج 10 / ص 252 / ط دار احياء التراث)
وَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ - كَمَا نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مَنْ أَصْدُقُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْمَرْأَةِ تُدْخِلُ شَيْئًا، تُرِيدُ السِّتْرَ تَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ الزِّنَى
.(المحلى لإبن حزم / ج11 / ص390 / ط دار الفكر)
33- وهل حقا البطيخ... للرجال!!
(وإن قور بطيخة أو عجينا أو أديما أو نجشا في صنم إليه فأولج فيه فعلى ما قدمنا من التفصيل قلت وهو أسهل من استمنائه بيده وقد قال أحمد فيمن به شهوة الجماع غالبا لا يملك نفسه ويخاف أن تنشق أنثياه اطعم وهذا لفظ منا حكاه عنه في المغنى ثم قال أباح له الفطر لأنه يخاف على نفسه فهو كالمريض يخاف على نفسه من الهلاك لعطش ونحوه وأوجب الإطعام بدلا من الصيام وهذا محمول على من لا يرجو إمكان القضاء فإن رجا ذلك فلا فدية عليه والواجب انتظار القضاء وفعله إذا قدر عليه لقوله فمن كان منكم مريضا الآية وإنما يصار إلى الفدية عند اليأس من القضاء فإن أطعم مع يأسه ثم قدر على الصيام احتمل أن لا يلزمه لأن ذمته قد برئت بأداء الفدية التي كانت هي الواجب فلم تعد إلى الشغل بما برئت منه واحتمل أن يلزمه القضاء لأن الإطعام بدل إياس وقد تبينا ذهابه فأشبه المعتدة بالشهور لليأس إذا حاضت في أثنائها.
(بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية / ج 4 / ص 905 )
الجـواب
أولا: انظر 12، 13، 14 و15 فهذه المسالة هي من الإستمناء وكما أسلفنا فالرافضة مغرمون بالتكرار لتكثير الصفحات
ثانيا: ننقل طرفا من جواب الشيخ محمد الخضر صاحب ملف الحوزة والجنس نقلا عن الشيخ عبد السلام المغربي على هذه المسألة ((ولعل من الشبهات الجديدة التي باتت تتكرر هذه الأيام ما ادعاه البعض من تجويز العلامة ابن القيم للاكرنبج المستخدم في الاستمناء، فوقع بين يدّي كلاماً للشيخ الفاضل عبد السلام المغربي بيّن فيه الحق في المسألة فأحببت أن أضم إلى كلامه بعض الاستشهادات من كتب الشيعة التي من شأنها أن تثري الموضوع، وتجلي الحق لكل منصف.
رأي ابن القيم رحمه الله في الاستمناء
صدّر ابن القيم رحمه الله الفصلَ بذكر رأيه في مسألة الاستمناء، ألا وهو التحريم بقوله: (إذا قدر الرجل على التزوج أو التسري حرم عليه الاستمناء بيده) وهذا هو الحكم الشرعي الأصلي الذي ذهب إليه، فزيادة على أنه أورده بصيغة الجزم، فتصديره أيضاً بذلك يشير بقوة إلى ترجيحه، لما علم عند أهل العلم من أنّ التصدير يؤذن بالتشهير، ثم أورد كلام الفقهاء ومذاهبهم في المسألة، فما عدا قولَه من الآراء إنما أورده آثراً لا ذاكراً.
ثم أورد بعد ذلك قول ابن عقيل أنّ الأصحاب قالوا بكراهة الاستمناء، والكراهة في اصطلاح المتقدمين تعني غالباً التحريم، وإنما كانوا يتحرزون من التصريح بالتحريم توقياً من الدخول في قوله تعالى ﴿لا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب﴾، وغير ذلك من النصوص، وهذا من عظيم ورع السلف الصالح وعلمهم.
هل أجاز ابن القيم استخدام المرأة (الاكرنبج)؟
بعد أن أشار ابن القيم رحمه الله إلى حكم الاستمناء ورأي العلماء فيه نقل عن ابن عقيل أنّ أحمد بن حنبل نص على أنه يجوز ذلك عند الضرورة، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، لأنه قد اتفق العقلاء من أهل الكفر، فضلاً عن العلماء من أهل الإسلام أنّ الضرورات تبيح المحظورات.
ثم نقل عن ابن عقيل رحمه الله تعالى كلام بعض العلماء في جواز استعمال الإكرنبج وغيره للمرأة عند الاضطرار، وأردفه بترجيح الحرمة لكون ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل الثابت في السنة الصوم. 
وقوله ((أما في صدور هذا القول عن بعض أهل العلم، ففيه أمور:
◘ فيه دلالة على اطلاع علماء أهل السنة على ما يجري بين الناس، وهو ميزة عظيمة، وشرط لابد منه في من يتصدى لإفتاء الناس في أمور دينهم، لأنّ الذي يفتي بغير اطلاع على الواقع يكون أقرب للخطأ من الصواب، لأنّ الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
◘ وفيه دلالة على أداء أهل العلم للأمانة التي حملهم الله تعالى إياها في قوله ﴿وإذ أخذنا ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه﴾، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عن الله)، وقال أيضاً: (من سئل عن علم فكتمه)، وفي رواية (من تعلم علماً فكتمه، ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فليبلغ الشاهد الغائب)، والنصوص في ذلك متضافرة متواترة.
ثم نقول لمن يستشنع ما ذهب إليه هؤلاء العلماء: إذا اشتد بالرجل أو المرأة الشبق، ولم ينفع معه الصيام، فما هو الأخف: أن نرخص لهما في الاستمناء والاكرنبج؟ أم نرخص لهما في الزنى؟
أفيدونا يا أهل العقل؟
أفيدونا يا من ورثتم علم الأئمة المعصومين الذين ورثوا علم الأوائل والأواخر حتى فاقوا أولي العزم من الرسل، بل حتى حووا علم اللوح المكنون؟؟؟؟
فإن قلتم: ليس في المسألة حكم لله ورسوله، ناديتم على أنفسكم بالجهل، وخالفتم قول الله تعالى ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: ٨٩]
وإن قلتم نسكت ولا نتكلم: خالفتم قوله تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧].
وإن قلتم: الزنى أهون، فلا كلام معكم، فإنما أنتم زنادقة مكابرون، تخالفون العقل والنقل والإجماع والضرورة والحس، والمكابر يسقط معه الكلام رأساً.
وإن قلتم: الإكرنبج أهون، فقد وافقتم قولنا بعد أن شنعتم، فعاد الطعن عليكم، وشهدتم على أنفسكم بالجهل والظلم والتعصب والتسرع وقلة الحياء، وخرجتم من الدين والعلم والعقل والخلق، فاختاروا أي المذاهب أهونها شرا، فنحن راضون لكم بذلك.
فعلم من هذا أنّ أهل السنة أكثر الناس ديناً وعلماً وعقلاً وخلقاً، وما الشيعة في تشنيعهم إلا كقول الشاعر:
وكم من عائب قولا صحيحا،،، وآفته من الفهم السقيم