من أعجب ما يُلاحَظ في فكر الفرقة الضالة (الاثني عشرية) هو تناقضهم الصارخ في الأحكام الفقهية، إذ يجمعون بين التشديد المفرط في موضع، والإباحة الغريبة في آخر، حتى تتهاوى دعواهم بالعصمة والتشريع الإلهي. ومن أبرز الأمثلة على ذلك مسألة الاستمناء، التي خاض فيها كبار علمائهم بروايات وأقوال متضاربة لا يجتمع بعضها مع بعض بحال.
فمن جانبٍ قرنوا هذا الفعل بذنبٍ عظيمٍ كعمل قوم لوط وإتيان البهيمة، ومن جانبٍ آخر صرّحوا بأن آية المؤمنون ليست صريحة في التحريم أصلًا! بل ونقلت كتبهم رواياتٍ تجيز الاستمناء صراحةً، ثم راحوا يتأولونها تأويلاتٍ متهافتة بحجة “التقية”!
وفي هذا المقال نعرض نصوصهم الأصلية الموثقة من كتبهم المعتمدة ليتضح التناقض والاضطراب، ثم نُبيّن كيف انتهى بهم الهوى إلى الانحراف في مفهوم العفة والطهارة رغم غلوّهم في ظاهر الزهد.
تناقضات الشيعة في الاستمناء: من التشديد المفرط إلى الإباحة المبطنة:
أولاً: مبالغات الشيعة في التشديد على الاستمناء
من أعجب أقوالهم ما أورده العلامة الحلي في كتابه مختلف الشيعة (4/152) ناقلاً عن أبي الصلاح قوله:
"وفي الاستمناء والتلوط وإتيان البهائم بدنة."
فهم يقرنون الاستمناء – الذي لا نص صريح في تحريمه – بأشنع الفواحش كاللواط ونكاح البهيمة!
وهذا خلطٌ عجيبٌ يدل على غياب التمييز الفقهي عندهم، إذ جعلوا فعلاً دون دليلٍ قطعيٍ في منزلة الجرائم الكبرى
فإن شئت أن يزداد عجبك فانظر إلى القوم الذي اعترفوا بأنّ آية سورة المؤمنون ليست صريحة في تحريم الاستمناء كيف جرّهم الهوى إلى إقران الاستمناء بعمل قوم لوط وإتيان الرجل البهيمة ثم تجد بعد كل هذا أنّ بعض رواياتهم تجيز الاستمناء ولا ترى فيه بأساً!.
ثانيًا: إنكارهم صراحة دلالة القرآن على التحريم
ثم جاء المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان (31/360) فقال بوضوح:
"الآية غير صريحة، بل غير ظاهرة أيضًا، نعم الخبر دلّ على التحريم بكفه لو صح."
أي أنهم لا يرون في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: 5] أي دلالةٍ على تحريم الاستمناء!
فكيف يزعمون أن القرآن تام البيان ثم يعجزون عن استخراج حكمٍ واضح من آيةٍ صريحةٍ في حفظ الفرج؟!
ثالثًا: رواياتهم التي تبيح الاستمناء صراحةً
روى الحر العاملي في وسائل الشيعة (20/353):
عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الدلك؟ فقال: "ناكح نفسه لا شيء عليه."
ثم قال الحر العاملي: (أقول: هذا محمول على التقية لموافقته لجماعة من العامة، أو على الانكار دون الاخبار كانه قال: إذا كان نكاح مثل الجدة والعمة والخالة محرما فكيف يحل نكاح الانسان -نفسه، أو على انه لا شئ عليه معينا لا يزيد ولا ينقص فان عليه التعزير بحسب ما يراه الامام، أو على من جهل التحريم فلا حد عليه، أو على الدلك لا بقصد الاستمناء بقصد الاستبراء، أو لتحصيل الانتشار للنكاح المباح، أو نحو ذلك).
أقول: لا أدري أي تقية هذه التي تتدخل حتى في الاستمناء؟!وكأنّ التقية صارت عندهم مخرجًا لكل تناقضٍ، حتى في أحكامٍ لا يُتصور فيها إكراهٌ ولا خطرٌ سياسي!
قد علمنا أنّ الشيعة يدّعون أنّ تقيتهم تقية إكراه فحسب وأنهم لا يعاملون الناس بالتقية وإنما يستخدمونها عند الإكراه، فأين الإكراه من مسألة الاستمناء التي لا ينتفي فيها الإكراه فحسب بل حرمها جمع من علماء أهل السنة وما نالوا بسبب الجهر بالتحريم أي أذى! لكن التلاعب الحقيقي في روايات الأئمة الذين يدّعي فيهم الشيعة العصمة ثم يخالفونهم في جميع أوامرهم ونواهيهم كما ترى.
وحين يتعذر الاعتراف بالحقيقة فلا مناص من الهروب باستنتاجات غريبة واهية!
رابعًا: التناقض الفقهي الصارخ في فتاواهم
يقول السيد محمد صادق الروحاني في فقه الصادق (52/553):
وخبر أبي بصير عنه - عليه السلام -: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: الناتف شيبه، والناكح نفسه، والمنكوح في دبره ". وبازائها روايتان احداهما: رواية زرارة عن أبي عبد الله - عليه السلام -: عن الدلك؟ فقال - عليه السلام -: " ناكح نفسه لا شئ عليه ". ثانيتهما: صحيحة ثعلبة بن ميمون وحسين بن زرارة قال سألت أبا جعفر - عليه السلام -: عن رجل يعبث بيديه حتى ينزل؟ قال - عليه السلام -: " لا بأس به ولم يبلغ به ذاك شيئا "، وقد حمل الاصحاب هذين الخبرين على محامل بعيدة. والحق أن يقال: إن الخبر الاول ضعيف السند والثاني قاصر الدلالة فإنه ليس فيه العبث بيديه مع ذكره ولعل المراد العبث بيديه مع زوجته، فتأمل فإن ظاهره العبث بيديه مع ذكره، وعليه فيتعين طرحه لعدم افتاء الاصحاب بمضمونه ومعارضته مع النصوص المتقدمة سيما الموثق لان قوله فهو زنا يعارض مع قوله لا بأس به
فما أوضح الهوى في التأويل وما أضعف الحجة حين تتعارض الرواية مع المذهب!
فانظر عافاك الله من الهوى، كيف صرف معنى رواية ثعلبة بن ميمون وحسين بن زرارة عن المعنى المراد هكذا بكل بساطة مع اعترافه بصحة الرواية ووضوح المراد من النص لمن له عينين.
مع العلم بأنّ خبر أبي بصير المروي في الخصال وغيرها من الكتب في سنده محمد بن خالد الطيالسي لم يوثقوه، وعبد الرحمن بن عوف مجهول لم أجد له ترجمة، وأبو نجران التميمي وقد كان ممن يشرب النبيذ كما يقول الحلي في كتابه خلاصة الأقوال ص422، فمن يضمن أنه حدّث بهذا الحديث وهو في وعيه!
خامسًا: اضطرابهم في حكم الاستمناء بيد الزوجة والمملوكة
فانظر إلى الهوى كيف جرّ الروحاني إلى صرف الرواية الصحيحة عن المراد بها في حين يتغاضى عن رواية ضعيفة هؤلاء رجالها!
استمناء الرجل بيده حرام وجريمة كبرى واستمناءه بيد غيره حلال!
في الوقت الذي حرم فيه علماء الشيعة الاستمناء وبالغوا في تحريمه أشد المبالغة حتى حددوا له تعزيراً خاصة وهو ضرب يد المستمني بقسوة حتى الاحمرار الشديد، وقرنوا الاستمناء بعمل قوم لوط وبنكاح البهيمة، تراهم يختلفون في حرمة الاستمناء بيد الزوجة والمملوكة.
يقول الشهيد الثاني في شرح اللمعة (9/331):
"وفي تحريمه بيد زوجته ومملوكته وجهان..."
ويقول في مسالك الأفهام (15/48):
" وفي تحريمه بيد زوجته ومملوكته المحللة له وجهان من وجود المقتضي للتحريم وهو إخراج المني، وتضييعه بغير الجماع. وبه قطع العلامة في التذكرة. ومن منع كون ذلك هو المقتضي، وعدم تناول الآية والخبر له، إذا لم تخص حفظ الفرج في الزوجة، وملك اليمين بالجماع فيتناول محل النزاع."
ويقول في مسالك الأفهام 15/48 (الاستمناء باليد وغيرها من أعضاء المستمني وغيره - عدا الزوجة والامة - محرم تحريما مؤكدا)
ويقول عبد الله الجزائري في التحفة السنية (ص278):
"ويجوز لكل منهما الاستمناء من بدن الآخر مطلقًا... ومنع بعضهم من استمنائه بيدها..."
وعلى نفسها جنت براقش!!
وهنا نأتي للشيعة الاثني عشرية الذين أعطوا المسألة أكبر من حجمها لنرى ما لديهم في موضوع العفة والطهارة.
الاستمتاع بالنساء دون ضوابط أخلاقية!
فأي اضطرابٍ بعد هذا؟!
مرة يقولون بالتحريم المطلق، ومرة بالجواز، وثالثة بالكراهة، بل ويخصصون للتعزير ضرب يد المستمني حتى الاحمرار، وكأنها جريمة عظيمة، بينما يبيحون في الوقت نفسه الاستمناء بيد الغير!
سادسًا: الانفلات الأخلاقي في مفهوم “الاستمتاع”
ومن المفارقات أن هؤلاء الذين شددوا في باب العفة يروون ما يهدم أساس الطهارة!
ففي الكافي (5/462): 
عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله: إني أرى المرأة الحسناء ولا أعلم أذات بعل هي أم لا؟ فقال: "ليس عليك هذا، إنما عليك أن تصدقها في نفسها!"
وفي الرواية نفسها: عن ميسر قال: قلت لأبي عبد الله: ألقى المرأة في الفلاة فأقول لها: هل لك زوج؟ فتقول: لا، قال: "نعم، هي المصدقة على نفسها!"
وفي التهذيب (7/253): أن رجلًا تزوج امرأة متعة فوجد لها زوجًا، فقال له الإمام المزعوم: "لم فتشت؟!"
فأي عفةٍ هذه التي تبيح للرجل أن يصدق كل امرأةٍ تدّعي خلوّها من الزوج دون بينة ولا شاهد؟!
الخلاصة
◘ علماء الشيعة تناقضوا في مسألة الاستمناء بين التحريم الشديد والإباحة الصريحة.
◘ جعلوه في مرتبة اللواط وإتيان البهيمة، ثم عادوا فاستباحوه بتأويلاتٍ واهية.
◘ استخدموا التقية ذريعةً لتبرير الروايات التي تخالف مذهبهم، حتى في المسائل الشخصية.
◘ كتبهم تزخر بنصوصٍ تهدم العفة والطهارة، مع دعواهم الكاذبة بالعصمة والتقوى.
وهكذا يظهر لكل منصف أن مذهبهم قائم على التناقض والهوى، لا على وحيٍ ولا هدى، وأن أقوال أئمتهم المزعومة لا تزن عندهم شيئًا إذا تعارضت مع أهواء المتأخرين.