من يتأمل في تاريخ الفرق المنحرفة عن منهج الإسلام يجد أن بعضها تجاوز الخلاف العلمي إلى الطعن الصريح في الأمة، حتى وصل ببعضهم إلى سبّ الصحابة وتكفير أهل السنة. ومن أبرز هؤلاء علي بن الحسين الكركي، أحد كبار علماء الشيعة في العصر الصفوي، الذي ملأ كتابه نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت بألفاظ لاذعة ضد الصحابة والمسلمين.
وقد أظهر هذا الكتاب كيف تحوّل الفكر الشيعي في عصر الدولة الصفوية من مجرد مذهب فقهي إلى مشروع عقدي عدائي يستهدف الأمة وعقيدتها الصحيحة، مخالفًا القرآن والسنة وإجماع المسلمين.
نص الكركي الذي يطعن فيه في أهل السنة
قال الكركي في نفحات اللاهوت:
ولكن أهل السنة شر جيل على وجه الأرض وأقلهم حياء من الله ورسوله بل متى خالف عمر أو غيره علياً كان كافراً بمقتضى تلك الدلائل ومنه أن خالد بن الوليد . قتل مالك بن نويرة وهو مسلم طمعاً في التزويج بأمرأته وخطبها وتزوج بها ليلة قتله.
الرد العقدي والعلمي على ضلالات الكركي:
تكريم الله للصحابة في القرآن:
قال الله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: 100]. هذه الآية تُثبت أن الله رضي عن الصحابة جميعًا، ومن رضي الله عنه فلا يُمكن أن يُوصف بأنه "شر جيل"، بل هم خير القرون كما قال النبي ﷺ: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (متفق عليه).
فمن خالف هذا النص القرآني والحديث النبوي فقد ردّ كلام الله ورسوله.
عدالة الصحابة أصل من أصول الإسلام:
اعتمدت الأمة الإسلامية في نقل الدين على الصحابة رضي الله عنهم، فهم حَمَلة القرآن والسنة، والطعن فيهم طعن في الدين نفسه.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني:
"اتفق أهل السنة على أن جميع الصحابة عدول، ولم يخالف في ذلك إلا أهل البدع".
فمنهج الكركي في سبّهم وتكفيرهم مخالف لإجماع الأمة، وهو بدعة ضلالية لا تمت إلى الإسلام بصلة.
براءة خالد بن الوليد رضي الله عنه:
ما ذكره الكركي من أن خالدًا قتل مالك بن نويرة طمعًا في زوجته بهتانٌ عظيم، وقد بيّن العلماء أن خالدًا كان مجتهدًا في قتال المرتدين، وأن مالكًا كان متوقفًا في الزكاة، فحصل اجتهاد في قتله، ولم يثبت أنه أراد الزواج بامرأته قبل انتهاء أمره.
بل إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دافع عنه وقال: «تأول فأخطأ، ولا أشيم سيفًا سلّه الله على المشركين». فهذا اجتهاد لا يوجب قدحًا، بل يُظهر عدالة الصحابة وإنصافهم.
انحراف الكركي عن منهج أهل البيت:
يتذرع الكركي بحب أهل البيت، لكنه يخالف وصاياهم، فقد قال الإمام علي رضي الله عنه:
«أوصيكم بأصحاب نبيكم، لا تسبوهم، فإنهم أصحاب رسول الله ﷺ، وكانوا لا يُبدّعون ولا يُكفّرون». فكيف يزعم حبّ عليٍّ من يسبّ أصحابه؟
هذا تناقض صريح يُظهر أن دعوى التشيّع ليست حبًّا لأهل البيت، بل مشروعًا لهدم مكانة الصحابة.
المصادر:
◘ الكركي، علي بن الحسين، نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت، تحقيق: مؤسسة ◘ الإمام المهدي، قم.
◘ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم.
◘ البخاري ومسلم، الجامع الصحيح.
◘ ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة.
◘ ابن تيمية، منهاج السنة النبوية.
                
                        