يستمر أعداء الإسلام من الشيعة الروافض في محاولاتهم المتكررة للطعن في عدالة الصحابة رضي الله عنهم، من خلال استغلال النصوص الشرعية وتحريف معاني الأحاديث النبوية لخدمة أهوائهم الباطلة ومعتقداتهم الفاسدة. ومن أبرز ما يستدلون به زعمًا على وجود نفاق بين الصحابة حديث النبي ﷺ: «دَعْهُ، لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ»، الوارد في صحيح البخاري. فيجعلونه مطعنًا في صفوة الأمة وخيارها، متجاهلين سياق الحديث ودلالته، ومتناسين أن المقصود به المنافقون الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، وليس أصحاب رسول الله ﷺ الذين نصروا الدين وبذلوا أرواحهم في سبيله.
فالشيعة – وهم فرقة ضالة خرجت عن جماعة المسلمين – يسعون من خلال تأويلاتهم المنحرفة إلى تشويه رموز الإسلام، لا حبًا في الحق، بل لغاية خبيثة تهدف إلى إسقاط حجية الصحابة، حتى يهدموا الدين من أساسه، لأنهم يعلمون أن نقل القرآن والسنة لم يتم إلا عن طريق الصحابة العدول الثقات.
يحاول البعض ان يطعن بعدالة الصحابة رضي الله عنهم من خلال نصوص يدعون انها ناقضة لقولنا بعدالة الصحابة ومنها ما جاء في البخاري:
" 4905 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ - قَالَ سُفْيَانُ: مَرَّةً فِي جَيْشٍ - فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ: فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ "
صحيح البخاري- بَابُ قَوْلِهِ:
سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ – ج 6 ص 154
قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} [التوبة: 56]، فالمنافق بنص القران ليس من اهل الايمان، ولهذا بوب الامام البخاري الحديث في باب يتعلق بالمنافقين، فتكون دلالة الحديث كما قال العلماء تتعلق بمن ظاهره الصحبة عند من لا يعرف الحقيقة من الناس، فيؤدي هذا الامر الى ابتعاد الناس عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، فاذا حدث القتل لهؤلاء فان اهل الكفر سيستخدمون هذا الشيء ذريعة لتشويه دعوة النبي صلى الله عليه واله وسلم، فتبين لنا من خلال دلالة الحديث انه لا يستقيم لاحد ان يعترض به على عدالة اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
قال الامام ابن الجوزي:
" وَقَوله: ((لَا يتحدث النَّاس أَنه يقتل أَصْحَابه)) سياسة عَظِيمَة وحزم وافر، لِأَن النَّاس يرَوْنَ الظَّاهِر، وَالظَّاهِر أَن عبد الله بن أبي كَانَ من الْمُسلمين وَمن أَصْحَاب الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَو عُوقِبَ من يظنّ خلاف مَا يظْهر لم يعلم النَّاس ذَلِك الْبَاطِن، فينفرون عَمَّن يفعل هَذَا بِأَصْحَابِهِ."
كشف المشكل من حديث الصحيحين - ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي - ص 701
وقال شيخ الاسلام:
" وَلِهَذَا لَمَّا اُسْتُؤْذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِ بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ قَالَ: {لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ} فَإِنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي الظَّاهِرِ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُ حَقَائِقَ الْأُمُورِ وَأَصْحَابَهُ الَّذِينَ هُمْ أَصْحَابُهُ لَيْسَ فِيهِمْ نِفَاقٌ كَاَلَّذِينَ عَلَّمُوا سُنَّتَهُ النَّاسَ وَبَلَّغُوهَا إلَيْهِمْ وَقَاتَلُوا الْمُرْتَدِّينَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاَلَّذِينَ بَايَعُوهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَأَهْلُ بَدْرٍ وَغَيْرُهُمْ "
مجموع الفتاوى– ابو العباس احمد بن تيمية - ج 7 ص 419