من أخطر ما تفعله فرقة الشيعة الضالة – الخارجة عن الإسلام – هو الطعن في الصحابة رضي الله عنهم، والتشكيك في عدالتهم وصحبتهم للنبي ﷺ.
يُحاول الشيعة دائمًا التشويش على مصادر أهل السنة والتقليل من شأن نقلة الدين، عبر إثارة شبهاتٍ باطلةٍ مثل: كيف نعرف أن هذا الرجل صحابي؟ ومن الذي شهد له بالصحبة؟
وفي هذا المقال نُبيّن المنهج العلمي الصحيح الذي اتّبعه علماء أهل السنة والجماعة في معرفة من هو الصحابي، استنادًا إلى أقوال كبار الأئمة كـ ابن الصلاح وابن حجر العسقلاني رحمهم الله، ليتّضح الحقّ ويُدحض الباطل.
الشبهة:
يزعم بعض الشيعة أن أهل السنة لا يملكون ضابطًا دقيقًا لمعرفة من هو الصحابي، وأنّ إثبات الصحبة عندهم أمر ظنيّ غير منضبط، فيحاولون من خلال ذلك نقض عدالة الصحابة والتشكيك في رواياتهم.
الرد على الشبهة من كلام أئمة الحديث
لقد وضع علماء الإسلام ضوابط دقيقة لمعرفة من هو الصحابي، ولم يتركوا الباب مفتوحًا للدعوى أو التخمين، بل أسسوا منهجًا علميًا متكاملاً، ومن أهم من فصل القول في ذلك الإمام ابن الصلاح والإمام ابن حجر العسقلاني رحمهما الله.
الوجه الأول: منهج الإمام ابن الصلاح في إثبات الصحبة
قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله في كتابه مقدمة ابن الصلاح (ص 171):
"ثُمَّ إِنَّ كَوْنَ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ صَحَابِيًّا تَارَةً يُعْرَفُ بِالتَّوَاتُرِ، وَتَارَةً بِالِاسْتِفَاضَةِ الْقَاصِرَةِ عَنِ التَّوَاتُرِ، وَتَارَةً بِأَنْ يُرْوَى عَنْ آحَادِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ، وَتَارَةً بِقَوْلِهِ وَإِخْبَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ - بَعْدَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ - بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ."
شرح المعنى:
بيّن ابن الصلاح أن معرفة كون الرجل صحابيًّا تكون عبر طرقٍ متعددة:
بالتواتر: وهو أن يُنقل خبر صحبته عن جماعةٍ يستحيل تواطؤهم على الكذب.
بالاستفاضة: أي الشهرة الواسعة وإن لم تبلغ حد التواتر.
برواية بعض الصحابة عنه أنه صحابي.
بإخباره عن نفسه بعد ثبوت عدالته، أي إذا كان ثقة عدلاً وقال: "رأيت النبي ﷺ"، قُبل قوله.
فدلّ ذلك على أن معرفة الصحابي ليست بالظن، بل بالتحقيق والرواية والتواتر أو الشهرة أو النقل الثابت.
الوجه الثاني: تقرير الإمام ابن حجر في "نزهة النظر"
وقال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله في نزهة النظر (ص 142–143):
"يُعْرَفُ كونُه صحابيّاً؛ بالتَّواتُرِ، أَو الاستفاضَةِ، أَو الشُّهْرةِ، أَو بإِخبارِ بعضِ الصَّحابةِ، أَو بعضِ ثقاتِ التَّابِعينَ، أَو بإِخبارِهِ عنْ نفسِهِ بأَنَّهُ صحابيٌّ؛ إِذا كانَ دعواهُ ذلكَ تدخُلُ تحتَ الإِمكانِ."
شرح المعنى:
أضاف ابن حجر أن معرفة الصحابي تشمل أيضاً إخبار التابعي الثقة، لا الصحابي فقط، وأن دعوى الرجل لنفسه الصحبة تُقبل إن كانت ممكنة زمنيًا وواقعيًا، أي عاش في زمن النبي ﷺ ورآه أو سمعه.
فبهذا يكتمل المنهج العلمي الدقيق الذي سار عليه المحدثون في توثيق الصحابة.
النتيجة: ثبوت الصحبة والعدالة لا العصمة
يتضح من كلام الأئمة أن إثبات الصحبة قائم على الأدلة النقلية والتاريخية الدقيقة، لا على الهوى أو التقليد، كما يزعم الشيعة.
ومتى ثبتت الصحبة، ثبتت العدالة تلقائيًا بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، قال تعالى: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾.
وقال سبحانه: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾.
فمن رضي الله عنهم لا يجوز الطعن في عدالتهم أو التشكيك في صحبتهِم، ومن يفعل ذلك فقد ناقض القرآن نفسه.