من أخطر ما تقوم به فرقة الشيعة – وهي فرقة ضالة خرجت عن الإسلام – هو وضع الأحاديث الباطلة ونسبتها إلى النبي ﷺ وصحابته الكرام، وذلك بهدف تشويه صورة الصحابة وإضعاف الثقة في السنة النبوية المطهّرة.

يعمل أتباع هذه الفرقة على اختلاق رواياتٍ لا أصل لها، تُسيء إلى رموز الإسلام الأوائل كأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ رضي الله عنهم، في محاولة لتبرير عقائدهم الباطلة التي لا تمتّ إلى الإسلام بصلة.

وفي هذا المقال نسلّط الضوء على إحدى هذه الروايات التي يتداولها الشيعة للطعن في الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونبيّن زيفها وحقيقتها في ضوء كتب السنة الصحيحة.

الرواية الصحيحة في حادثة عليّ رضي الله عنه في اليمن

النبي ﷺ قبل أن يخرج إلى الحج كان في المدينة، وكان قد أرسل خالد بن الوليد إلى اليمن في قتال.

انتصر خالد بن الوليد رضي الله عنه في جهاده، وأرسل إلى النبي ﷺ يخبره بالنصر والغنائم، فبعث النبي ﷺ علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن ليخمس الغنائم، ثم أمره أن يدركه في مكة للحج.

فخرج علي رضي الله عنه من المدينة إلى اليمن، وقسّم الغنائم كما هو معلوم:
أربعة أخماس للمجاهدين الذين قاتلوا وفتحوا.

 وخمس واحد يُقسَّم إلى خمسة أقسام:

خمس لله وللرسول ﷺ.

خمس لذوي القربى.

خمس لليتامى.

خمس للمساكين.

خمس لابن السبيل.

فلما انتهى من ذلك، أخذ من نصيبه وهو نصيب ذوي القربى امرأة من السبي، وكانت حلالًا له لأنها من حقه الشرعي في الخمس، فدخل بها.

فغضب بعض الصحابة ومنهم بريدة بن الحصين رضي الله عنه، وقال: كيف يفعل عليّ ذلك؟! وأتى النبي ﷺ يشكو عليًا.

فقال له النبي ﷺ: (يا بريدة، أتبغض عليًّا؟)

قال: نعم يا رسول الله.

فقال: (لا تبغضه، فإن له من الخمس أكثر من ذلك).

يقول بريدة رضي الله عنه:

"فما كان أحد أحب إليّ من عليٍّ بعد قول رسول الله ﷺ هذا."

الشبهة التي يثيرها الشيعة

يزعم بعض الشيعة أن هذه القصة دليل على أن الصحابة كانوا يبغضون علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأن النبي ﷺ لم يواجه هذا البغض بالتكفير، مما يدل – بزعمهم – على أن بعض الصحابة كانوا منافقين، ويستدلون بذلك للطعن في عدالة الصحابة.

الرد على الشبهة

هذه الشبهة باطلة ومحرّفة من وجوه متعددة:

1️ الرواية صحيحة في أصلها ولكن فُهمت خطأ

الحديث ورد في صحيح مسلم، وهو صحيح لا غبار عليه، لكن لا دليل فيه على ما يدّعيه الشيعة، لأن بغض بريدة لعلي رضي الله عنه لم يكن بغضًا دينيًا أو عقديًا، بل كان بسبب موقفٍ شخصيٍ مؤقتٍ ناتجٍ عن سوء فهم، فبيّن له النبي ﷺ أن عليًّا لم يفعل خطأً.

2️ النبي ﷺ لم يتهم بريدة بالنفاق

لأن البغض هنا لم يكن في الله، بل كان غضبًا بسبب اجتهاد شخصي، فبغض الإنسان لأخيه في أمر دنيوي لا يُعد نفاقًا ولا كفرًا، ولهذا لم يصفه النبي ﷺ إلا بأنه مخطئ في بغضه لعلي.

3️ دفاع النبي ﷺ عن عليٍّ تأكيد لفضله لا ذمّ للصحابة

النبي ﷺ قال لبريدة: (لا تبغضه فإن له من الخمس أكثر من ذلك)؛ أي أن ما فعله عليٌّ كان بحق، ومن هنا أحبّه بريدة رضي الله عنه بعد أن علم الصواب، فارتفع الخلاف وانتهى الأمر.

4️ تحريف الشيعة للرواية غايته الطعن في الصحابة

يُلاحظ أن الشيعة دائمًا يُحرّفون معاني الأحاديث الصحيحة لخلق الشبهات حول الصحابة رضي الله عنهم، وقد نسي هؤلاء أن القرآن الكريم زكّاهم فقال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ. وهذه تزكية لا يمكن لأحدٍ أن يطعن فيها.

خلاصة الرد

الرواية صحيحة، لكن لا علاقة لها بالنفاق ولا بالبغض الديني، وإنما كانت حادثة اجتهادٍ شخصيٍّ زال أثرها بعد توجيه النبي ﷺ، فلا دليل فيها على ما يزعمه الشيعة من طعنٍ في الصحابة، بل هي دليل على عدالة الصحابة وسرعة رجوعهم إلى الحق إذا علموه.

المصادر

1)              صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة – حديث رقم (2404).

2)              شرح النووي على مسلم باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

3)              الرد على الرافضة في شبهاتهم حول الصحابة ابن تيمية.

4)              المنهاج في الرد على الشيعة الإمامية الذهبي.

5)              العواصم من القواصم ابن العربي.