من المسائل التي ينبغي على المسلمين التنبّه لها في عصرٍ كثر فيه الكذب على رسول الله ﷺ، ظهور الفرقة الضالة المسماة بالشيعة، التي تتعمّد اختلاق الأحاديث أو نشر الأحاديث الموضوعة والمنكرة، لترويج عقائدها الباطلة التي تخالف كتاب الله وسنة نبيه الصحيحة.
ومن هذه الأحاديث المكذوبة التي تداولها بعض الجهلة من الشيعة وغيرهم، حديث: «إن الله تعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق آدم بألف عام...»، وهو حديث موضوع باتفاق المحدثين، كما نصّ الإمام ابن الجوزي وغيره من كبار أئمة النقد.
وفي هذا المقال نعرض نص الحديث كاملًا، وأقوال العلماء فيه، وبيان سبب الحكم عليه بالوضع، وردّ الشبهات التي يثيرها المبتدعة حوله، مع توثيق جميع الأقوال من كتب أهل السنة المعتمدة.
قال الامام ابن الجوزي:
" مُحَمَّدُ بُن إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ بْنِ مُسْمَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ ذكْوَان عَن إِبْرَاهِيم مولى الْخرق (الْحَرِقَةِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَرَأَ طه وَيس قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفِ عَامٍ فَلَمَّا سَمِعَتِ الْمَلائِكَةُ الْقُرْآنَ قَالُوا طُوبَى لأُمَّةٍ يَنْزِلُ هَذَا عَلَيْهِمْ، وَطُوبَى لأَجْوَافٍ تَحْمِلُ هَذَا، وَطُوبَى لأَلْسُنٍ تَتَكَلَّمُ بِهَذَا "
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَجِدْ لإِبْرَاهِيمَ حَدِيثًا أَنْكَرَ مِنْ هَذَا لأَنَّهُ لَا يَرْوِيهِ غَيْرُهُ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ ضَعِيفٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ فَقَالَ أَحْمَدُ بن حَنْبَل خرقنا [حَرَقْنَا] حَدِيثَهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ معِين: لَيْسَ بشئ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِم بن حبَان الْحَافِظ: هَذَا من مَوْضُوع "
الموضوعات – عبد الرحمن بن علي بن الجوزي – ج 1 ص 110
الشبهة والرد عليها:
الشبهة:
يزعم بعض الشيعة والمبتدعة أن هذا الحديث دليل على "قِدم القرآن" وأنه كان يُتلى في السماء قبل نزوله، مما يجعل كلام الله قديمًا في ذاته كقدم ذاته، وهو تأويل يخدم مذهبهم الفاسد في الصفات.
الرد:
القرآن كلام الله غير مخلوق، لكنه منزل محدث في إنزاله لا في ذاته، قال تعالى:
﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء: ١٠٦].
فنزوله وتلاوته حدثت بأمر الله بعد خلق آدم بآلاف السنين، ولا يوجد في كتابٍ أو سنةٍ صحيحة ما يدل على أنه قُرئ قبل خلق الإنسان، بل هذا افتراء لا أصل له.
خلاصة المقال:
◘ الحديث: «إن الله قرأ طه ويس قبل أن يخلق آدم...» موضوع مكذوب على رسول الله ﷺ.
◘ جميع رواته متروكون، وفي السند من لا يُحتج به.
◘ نص الحديث مخالف للعقيدة الصحيحة في نزول القرآن.
◘ استخدام الشيعة لهذا الحديث لترويج مفاهيمهم حول "قِدم القرآن" أو "تفضيل سور معينة" باطل ومردود.
◘ الواجب على المسلم أن يعتمد على الكتب الموثوقة ويبتعد عن روايات الكذابين وأهل البدع.
المصادر والمراجع
1-الموضوعات - للإمام عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي (ج 1 / ص 110).
2-الكامل في ضعفاء الرجال - للإمام ابن عدي.
3-الجرح والتعديل - للإمام ابن أبي حاتم.
4-الضعفاء والمتروكون - للإمام النسائي.
5-العلل ومعرفة الرجال - للإمام أحمد بن حنبل.
6-التاريخ الكبير - للإمام البخاري.