تُعَدُّ عقيدة الشيعة الإمامية من أكثر المذاهب التي امتلأت بالأفكار المتناقضة والروايات المختلقة التي نُسبت زورًا إلى النبي ﷺ وأهل بيته الأطهار، والغاية من ذلك ترسيخ مفاهيم باطلة تخدم أهدافًا مذهبية بعيدة عن الإسلام الصحيح.
فالشيعة ــ وهم فرقة ضالّة خارجة عن جماعة المسلمين ــ سعوا منذ قرون إلى صناعة أحاديث وأفكار تُخالف القرآن والسنة والعقل، ومن أبرز ما وقعوا فيه من اضطرابٍ عقدي مسألة سهو النبي ﷺ، التي اختلف فيها علماؤهم أنفسهم حتى اتهم بعضهم بعضًا بالغلو أو الجهل!
في هذا المقال نسلّط الضوء على الخلاف بين الشيخ الصدوق والشيخ المفيد حول مسألة "سهو النبي"، وكيف تحوّل النقاش بينهما إلى معركة فكرية تكشف عمق التناقض في عقيدة القوم، مع عرض النصوص من كتبهم الأصلية لتكون الحجة من كلامهم لا من غيرهم.
| 
			 قول الصدوق في سهو النبي ﷺ  | 
		
قال الصدوق:
"إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي صلى الله عليه وآله ويقولون: لو جاز أن يسهو عليه السلام في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لان الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة. وهذا لا يلزمنا، وذلك لان جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي صلى الله عليه وآله فيها ما يقع على غيره، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي، وليس كل من سواه بنبي كهو، فالحالة التي اختص بها هي النبوة والتبليغ من شرائطها، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة لأنها عبادة مخصوصة والصلاة عبادة مشتركة، وبها تثبت له العبودية وبإثبات النوم له عن خدمة ربه عز وجل من غير إرادة له وقصد منه إليه نفي الربوبية عنه، لان الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الله الحي القيوم، وليس سهو النبي صلى الله عليه وآله كسهونا لأن سهوه من الله عز وجل وإنما أسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ ربا معبودا دونه، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا، وسهونا من الشيطان وليس للشيطان على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله عليهم سلطان " إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون " وعلى من تبعه من الغاوين، ويقول الدافعون لسهو النبي صلى الله عليه وآله: إنه لم يكن في الصحابة من يقال له: ذو اليدين، وإنه لا أصل للرجل ولا للخبر وكذبوا لان الرجل معروف وهو أبو محمد بن عمير بن عبد عمرو المعروف بذي اليدين وقد نقل عن المخالف والمؤالف، وقد أخرجت عنه أخبار في كتاب وصف القتال القاسطين بصفين. وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله يقول: أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلى الله عليه وآله، ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن ترد جميع الأخبار وفي ردها إبطال الدين والشريعة. وأنا أحتسب الأجر في تصنيف كتاب منفرد في إثبات سهو النبي صلى الله عليه وآله والرد على منكريه إن شاء الله تعالى. " أهـ
من لا يحضره الفقيه – الصدوق –ج 1 ص359 – 360
يتبين من النص المنقول عن كتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق ان اول درجات الغلو انكار سهو النبي صلى الله عليه واله وسلم، وليس الصدوق وشيخه ابن الوليد فقط من رمى منكر سهو النبي صلى الله عليه وسلم بالغلو، بل هناك غيرهم.
كما قال الوحيد البهبهاني:
" واعلم أن الظاهر أن كثيرًا من القدماء سيما القيمين منهم (والغضائري) كانوا يعتقدون للأئمة عليهم السلام منزلة خاصة من الرفعة والجلالة ومرتبة معينة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم ورأيهم وما كانوا يجوزون التعدي عنها وكانوا يعدون التعدي ارتفاعا وغلوا حسب معتقدهم حتى أنهم جعلوا مثل نفى السهو عنهم غلوا " أهـ
الفوائد الرجالية - الوحيد البهبهاني - ص 38
| 
			 ردّ الشيخ المفيد على الصدوق  | 
		
لقد كانت ردة فعل المفيد على كلام شيخه الصدوق عنيفة جدا وبدلا من ان يرد عقائد الغلاة نراه يقررها، ويرد على شيخه بطريقة تدل على التطرف والاساءة، فقد الف رسالة في الرد على الصدوق اسمها عدم سهو النبي، وقد جاء فيها العبارات التالية: " إعلم، أن الذي حكيت عنه ما حكيت، مما قد أثبتناه، قد تكلف ما ليس من شأنه، فأبدى بذلك عن نقصه في العلم وعجزه، ولو كان ممن وفق لرشده لما تعرض لما لا يحسنه، ولا هو من صناعته، ولا يهتدي إلى معرفة طريقه، لكن الهوى مود لصاحبه، نعوذ بالله من سلب التوفيق، ونسأله العصمة من الضلال، ونستهديه في سلوك منهج الحق، وواضح الطريق بمنه " اهـ
عدم سهو النبي - المفيد - ص 20
وقال ايضا: " وفي هذا القدر كفاية في إبطال مذهب من حكم على النبي (عليه السلام) بالسهو في صلاته، وبيان غلطه فيما تعلق به من الشبهات في ضلالته " اهـ
عدم سهو النبي - المفيد - ص 22
وقال ايضا: " وينبغي أن يكون كل من منع السهو على النبي عليه السلام في جميع ما عددناه من الشرع، غاليا كما زعم المتهور في مقاله: أن النافي عن النبي عليه السلام السهو غال، خارج عن حد الاقتصاد. وكفى بمن صار إلى هذا المقال خزيا " اهـ
عدم سهو النبي - المفيد - ص 30
وقال ايضا: " ثم من العجب حكمه على أن سهو النبي عليه السلام من الله، وسهو من سواه من أمته وكافة البشر من غيرهم من الشيطان بغير علم فيما ادعاه، ولا حجة ولا شبهة يتعلق بها أحد من العقلاء، اللهم إلا أن يدعى الوحي في ذلك، ويبين به ضعف عقله لكافة الألباء " اهـ
عدم سهو النبي - المفيد - ص 30
وقال ايضا: "ثم هو يقول: إن هذا السهو الذي من الشيطان يعم جميع البشر - سوى الأنبياء والأئمة - فكلهم أولياء الشيطان وإنهم غاوون، إذ كان للشيطان عليهم سلطان، وكان سهوهم منه دون الرحمن، ومن لم يتيقظ لجهله في هذا الباب، كان في عداد الأموات " اهـ
عدم سهو النبي - المفيد - ص 30
وقال ايضا: "وإن شيعيا يعتمد على هذا الحديث في الحكم على النبي عليه السلام بالغلط، والنقص، وارتفاع العصمة عنه من العناد لناقص العقل، ضعيف الرأي، قريب إلى ذوي الآفات المسقطة عنهم التكليف " اهـ
عدم سهو النبي - المفيد - ص 32
| 
			 تناقض العقيدة بين الصدوق والمفيد  | 
		
يتضح من هذا الخلاف أن الشيعة لا يملكون عقيدة موحدة في عصمة الأنبياء ولا في تفسير السهو، بل يتناقضون فيما بينهم:
◘ فـالصدوق يرى أن السهو من الله تعالى ليُعلِّم الأمة، وأن إنكاره غلو.
◘ أما المفيد فيرى أن القول بالسهو ضلال وضعف عقل، وأن من قال به جاهل.
وهذا الانقسام يُظهر أن العصمة في الفكر الشيعي ليست أصلًا إلهيًا منزلاً، بل اجتهاد بشري متقلب يختلف فيه كل إمامٍ أو فقيهٍ عن الآخر.
| 
			 المصادر:  | 
		
◘ من لا يحضره الفقيه – الشيخ الصدوق – ج1 ص 359–360.
◘ الفوائد الرجالية –الوحيد البهبهاني – ص 38.
◘ عدم سهو النبي – الشيخ المفيد – ص 20، 22، 30، 32.