لفظة (بل أهله) في حديث فاطمة – الرد على الشبهة الشيعية

يُعَدّ الشيعة فرقة ضالّة خرجت عن منهج الإسلام الصحيح، فابتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله، واخترعوا أحاديث مكذوبة ونسبوها زورًا إلى النبي ﷺ وإلى آل بيته الأطهار؛ خدمةً لأهوائهم ومعتقداتهم الباطلة التي تخالف صريح القرآن والسنة. ولم يكتفوا بتحريف النصوص، بل استخدموا الكذب والتدليس لتثبيت عقائدهم المنحرفة التي تقوم على الطعن في الصحابة والافتراء على أئمة الهدى. ومن أخطر ما روّجوه: أحاديث ملفّقة يزعمون فيها فضائل مخصوصة لأئمتهم أو مثالب لمن خالفهم، ومنها ما وضعوه في قصة فاطمة رضي الله عنها تحت لفظة (بل أهله)، وهي شبهة ساقها بعض علماء الشيعة للطعن في الصحابة.

هذا المقال يكشف زيف هذه الدعوى، ويُبيّن بالأدلة الحديثية والعقلية كيف يستغل الشيعة النصوص لتأويلها على غير وجهها، ويفنّد أكاذيبهم بما ورد في كتب السنة الموثوقة.

🔸 الشبهة والرد

الشبهة:
يزعم الشيعة أن في بعض كتب أهل السنة رواية جاء فيها أن النبي ﷺ لما زار فاطمة رضي الله عنها قال لها كلامًا فيه لفظة (بل أهله)، ويفسرونها على وجه يطعن في الصحابة ويُشعر بأن النبي ﷺ خصّ أهل بيته دون غيرهم بالمحبة أو الولاية المطلقة، مما يجعلهم يدّعون تفضيل الأئمة واحتكار الحق لهم.

حدثنا علي بن محمد حدثنا أبو معاوية حدثنا موسى بن مسلم عن ابن سابط وهو عبد الرحمن عن سعد بن أبي وقاص «قال قدم معاوية في بعض حجاته فدخل عليه سعد فذكروا عليا، فنال منه، فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول الله e يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ وسمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ وسمعته يقول: لأعطين الرأية اليوم رجلا يحب الله ورسوله؟».

رواه ابن ماجة في (سننه1/45) وابن أبي شيبة في (المصنف6/366).

الرد:

هذه الرواية ضعيفة. ولو صحت لكانت حجة لنا. فإن الصحابة كانوا يستحضرون الأحاديث النبوية في مناقب علي رضي الله عنه ولم تكن عندهم متعلقة بأولوية إمامته. وهم لم يستدلوا بها في السقيفة في اولوية علي رضي الله عنه على أبي بكر في الإمامة. فثبت بطلان استدلال الرافضة بها على ذلك.

أما سبب ضعف الرواية فإن فيها عبد الرحمن بن سابط كثير الإرسال. بالرغم من تصحيح شيخنا الألباني إلا أني أرى أنه قد اجتمعت في هذه الروايات علل عديدة ذهل عنها الشيخ رحمه الله.

وقد تكلم أهل العلم في رواية أبي معاوية عن الأعمش. قال فيه ابن عدي: «شيعي محترق: له من الأخبار ما لا أستحب ذكره» وقال ابن حجر: «إخباريٌ تالِف. لا يوثق به» وقال أبو حاتم الرازي في الجرح والتعديل: «ليس بثقة متروك الحديث» (الكامل في الضعفاء6/93 ميزان الاعتدال3/419 لسان الميزان4/584 الجرح والتعديل7/182 سير أعلام النبلاء7/301-302).

ورواه ابن عساكر في (تاريخ دمشق42/119):

أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة نا عبد العزيز الكتاني أنا أبو محمج بن أبي نصر أنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم الأذرعي نا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو نا أحمج بن خالد الوهبي أبو سعيد نا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن أبيه قال لما حج معاوية أخذ بيد سعد بن أبي وقاص فقال يا أبا إسحاق إنا قوم قد أجفانا هذا الغزو عن الحج حتى كدنا أن ننسى بعض سننه فطف بطوافك قال فلما فرغ أدخله في دار الندوة فأجلسه معه على سريره ثم ذكر علي بن أبي طالب فوقع فيه قال أدخلتني دارك وأقعدتني على سريرك ثم وقعت فيه تشتمه».

وفيه مجاهيل: أحمج بن خالد الوهبي. أبو محمج بن أبي نصر.

كذلك فيه محمد بن إسحاق موصوف بالتدليس وقد عنعن هذا الخبر من السند. ومختلف في صحته (تهذيب الكمال للمزي ترجمة رقم5057 والضعفاء للعقيلي ترجمة رقم 1578).

ولا توجد مثل هذه الروايات الغريبة في شيء من كتب الحديث.

هذا وقد قام أحد الإخوة الأفاضل ببحث موسع حول الرواية قال فيه عن رواية ابن ماجة:

«ورواه الحسن بن عرفة في (البداية والنهاية7/376) وابن عساكر في (تاريخ بغداد42/116) «ثنا محمد بن خازم أبو معاوية الضرير به».

وهو بهذا السياق منكر شديد الضعف، فيه علل:

1-   «أبو معاوية ليس بحجة في غير الأعمش، كما نص أحمد وابن معين وأبو داود وابن خراش وابن نمير وعثمان بن أبي شيبة. نعم، توبع أبو معاوية عند النسائي في الخصائص أخبرنا حرمي بن يونس، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا عبد السلام، عن موسى به. ورواه أبو القاسم المطرز ومن طريقه ابن عساكر (42/115) نا إسماعيل بن موسى، نا عبد السلام بن حرب، عن موسى به.

وعبد السلام وإن كان ثقة فقد تكلم فيه غير واحد، وله مناكير، ورُمي بالتدليس، ولم يذكر سماعا من شيخه، فلا تثبت المتابعة.

ولفظ النسائي: «كنت جالسا فتنقصوا عليا»، ولفظ المطرز: «كنت جالسا عند فلان فذكروا عليا فتنقصوه».

2-  وعبد الرحمن بن سابط كثير الإرسال، ونص ابن معين أن روايته عن سعد مرسلة.

3-  أن في متنه مخالفة لرواية مسلم (4/1871 رقم 2404) من طريق عامر بن سعد عن أبيه، حيث عدَّ الثلاثة: أنت مني بمنزله هارون من موسى، وإعطائه راية خيبر، والثالثة قوله في المباهلة لعلي وفاطمة والحسن والحسين: اللهم هؤلاء أهلي.

فجعلت رواية ابن سابط بدل الأخيرة: «من كنت مولاه فعلي مولاه"، وهي لا تصح من حديث سعد، إنما رُويت من حديث مسلم الملائي عن خيثمة بن عبد الرحمن، قال سمعت سعد بن مالك، وقال له رجل: إن عليا يقع فيك أنك تخلَّفتَ عنه..».

والحديث رواه الحاكم (3/116) وابن عساكر (42/118)، فذكر أن عليا أُعطي ثلاثا. والملائي واه، وهو علَّتُه، ولعل أبا معاوية أو ابن سابط تلقَّى هذا الحرف من رواية الملائي.

ورواه ابن عساكر (42/119 وانظر تهذيب الكمال 5/278 وخصائص علي 60) من طريق أخرى تالفة عن سعد بمعناه.

وههنا نكتة، وهي أن الطعن لما نُسب إلى معاوية تشبث القوم به وطاروا، فلما نُسب إلى غيره ما عرَّجوا عليه! وكلاهما لا يثبت على أية حال.

4-  ومع ضعف الحديث فلم يصرِّح أي مصدر بأن السابُّ هو معاوية إلا ما وقع عند ابن ماجة، ولكن وقع التصريح في غيره أن السابَّ غيره».

(فضائل وأخبار معاوية: دراسة حديثية للشيخ محمد زياد التكلة ص1).

وعلى كل حال فتأتي مبايعة الحسن والحسين لمعاوية رضي الله عنهم لتثبت كذب كل هذه الروايات، ولو كان معاوية سابا لأبيهما لما بايعاه.

والشيعة المطففون يظهرون الشكاية والتباكي من سب علي رضي الله عنه بينما يشرعون ويجيزون لأنفسهم جميع انواع السب والافتراء وشهادة الزور بل والقتل في حق مخالفيهم.

فقد رووا زورا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «إذا رأيتم أهل البدع والريب من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم» (الفصول المهمة في أصول الأئمة2/232 مجمع الفائدة13/163 منهاج الفقاهة1/378).

وذكرت كتب الرافضة أن هذا «محمول على اتهامهم وسوء الظن بهم بما يحرم اتهام المؤمن به بأن يقال: لعله زان أو سارق.. ويحتمل إبقاؤه على ظاهره بتجويز الكذب عليهم لأجل المصلحة» (كتاب المكاسب للأنصاري2/118 منهاج الفقاهة2/228).

وعن أبي حمزة الثمالي أنه قال لأبي جعفر عليه السلام: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم، فقال: الكف عنهم أجمل» علق الأنصاري على الرواية بأن فيها «دلالة على جواز الافتراء وهو القذف على كراهة» (كتاب المكاسب للأنصاري2/119).

فتأمل فقه الافتارء والقذف والاتهام بالزنا والسرقة ببساطة، فيقول (لعله زاني لعله سارق)!!!