الرد على حديث «إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» - الرد الثاني
من أخطر ما قامت به الفرقة الشيعية الضالّة هو اختلاق الأحاديث الباطلة ونسبتها زورًا إلى النبي ﷺ أو إلى الصحابة الكرام، لتحقيق أغراض مذهبية تمسّ أصل العقيدة الإسلامية. فقد تفنّنوا في وضع روايات تمجّد رموزهم أو تطعن في الصحابة، حتى لو أدى ذلك إلى الكذب على رسول الله ﷺ.
ولا يصحّ عدّ الشيعة من فرق الإسلام؛ إذ خالفوا أصول الدين، وابتدعوا عقائد تخرج عن ملة التوحيد. ومن جملة ما يروّجونه من الأحاديث الموضوعة حديثهم المشهور: «إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» الذي يزعمون أنه في فضائل السيدة فاطمة رضي الله عنها.
وسنقوم في هذا المقال بتحقيق الرواية من مصادرها، وبيان علّتها، مع توضيح موقف المحدثين منها، وردّ مزاعم الشيعة الذين استدلوا بها على مقامٍ لم تثبت به الحجة الصحيحة.
نص الحديث ومصادره |
قال الإمام الحاكم في المستدرك على الصحيحين:
«4730 - حَدَّثَنَا أبو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ، بِالْكُوفَةِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ: «إِنَّ اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرِضَاكِ»
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قال الذهبي في التلخيص: بل حسين بن زيد منكر الحديث.»
المستدرك على الصحيحين – ج 3 ص 167.
حكم العلماء على الحديث |
بيّن المحدثون أن علّة هذا الحديث هي الراوي حسين بن زيد بن علي، وهو منكر الحديث، كما صرّح بذلك جمع من الحفاظ.
قال الإمام أبو طاهر المقدسي بعد ذكر الإسناد:
«وهذا يرويه حسين هذا، وهو منكر الحديث.»
ذخيرة الحفاظ – ج 2 ص 783.
كما أورده الطبراني في المعجم الكبير، وأبو نعيم في فضائل الصحابة، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وكلها لا تخلو من نفس العلة.
الشبهة التي يروّجها الشيعة: |
يزعم الشيعة أن هذا الحديث دليل على عصمة فاطمة رضي الله عنها، وأن غضبها هو غضب الله، وبالتالي يستدلّون به على أن من أغضبها - كأبي بكر أو عمر رضي الله عنهما - يكون قد أغضب الله عز وجل، وبذلك يطعنون في الصحابة الكرام.
الرد على الشبهة: |
1) الحديث لا يصح سندًا أجمع أهل الحديث على أن الراوي حسين بن زيد متروك أو منكر الحديث، فلا يُقبل منه ما تفرد به، خاصة في فضائل أو مقامات عقدية كالعصمة.
2) المعنى باطل من جهة العقيدة لم يجعل الله تعالى رضا أحدٍ من خلقه ميزانًا لرضاه، حتى الأنبياء، قال الله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ ۩ [آل عمران: 144].
فكيف يُقال إن رضا فاطمة - رضي الله عنها - هو رضا الله، وهذا تأليه مرفوض لا يليق بمقامها ولا بعقيدة التوحيد.
3) التناقض الشيعي في الاستدلال لو كان هذا الحديث صحيحًا عندهم، للزمهم القول بأن الله يغضب لغضب كلّ صالح أو مؤمن، لأن الرضا والغضب من صفات الله المطلقة لا تتعلق بشخص بعينه إلا بوحي صحيح.
4) موقف أهل السنة من فاطمة رضي الله عنها نحبّها ونتولاها ونوقّرها كابنة نبيّنا ﷺ، ونبرأ من الغلوّ فيها كما غلا الشيعة. أما رفعها إلى مرتبة العصمة الإلهية فباطل لا دليل عليه من كتاب أو سنة صحيحة.
التحقيق العلمي في السند |
|
الراوي |
الحكم عليه |
المصدر |
|
حسين بن زيد بن علي |
منكر الحديث |
الذهبي – تلخيص المستدرك |
|
عمر بن علي |
لا يُعرف |
ضعف الإسناد |
|
عبد الله بن محمد بن سالم |
صدوق فيه لين |
ميزان الاعتدال |