من أبرز وسائل الفرقة الضالّة المسماة بالشيعة في نشر باطلهم وتحريفهم للدين، اختلاق الأحاديث الضعيفة والموضوعة ونسبتها زورًا إلى رسول الله ﷺ وأهل بيته الطاهرين، بغرض ترسيخ عقائد الغلوّ في آل البيت، والطعن في خيار الصحابة، وتبرير بدعهم وشركهم.
ومن الأحاديث التي استغلّها الشيعة لإثارة الشبهات: حديث «إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» الذي زعموا به أن الله يغضب لغضب فاطمة رضي الله عنها على أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وفي هذا المقال، نعرض نص الحديث، وحكم العلماء عليه، ثم نردّ على الشبهة الرافضية ردًّا علميًا موثّقًا من كتب السنة والشيعة على حد سواء.
			نص الحديث ومصدره | 
		
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، وأخبرنا محمد بن علي بن دحيم بالكوفة، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، قالا: ثنا عبد الله بن محمد بن سالم، ثنا حسين بن زيد بن علي، عن عمر بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ لفاطمة:
«إنَّ اللهَ يَغضَبُ لِغَضَبِكِ، وَيَرضَى لِرِضاكِ».
رواه الحاكم في المستدرك، وقال كعادته – عفا الله عنه – فيما لم يثبت من صحته: «إسناده صحيح»،
وتعقّبه الذهبي قائلاً: «بل حسين بن زيد منكر الحديث» (المستدرك 3/154، حديث رقم 4729).
			بيان ضعف الحديث | 
		
يتبيّن من أسانيد هذا الحديث أن فيه حسين بن زيد بن علي، وهو منكر الحديث كما حكم عليه الذهبي، وفيه أيضًا عبد الله بن محمد بن سالم وهو مجهول الحال، وعليه فإن الحديث ضعيف لا يثبت عن رسول الله ﷺ.
ومما يؤكد ضعفه أنه لم يخرّجه البخاري ولا مسلم، ولا ورد من طريق صحيح يُعتمد عليه.
			استغلال الشيعة للحديث في الطعن بأبي بكر | 
		
يريد الرافضة من هذا الحديث أن يثبتوا أن الله غاضب على أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بزعمهم أن فاطمة غضبت عليه حين لم يورّثها فدك، لأن النبي ﷺ قال:
«إنَّا مَعاشِرَ الأنبياءِ لا نُورَث، ما تَرَكناهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ لِلمُسلِمين».
فزعموا أن أبا بكر خالف فاطمة فأغضبها، وبالتالي أغضب الله!
| 
			 لكن هذا الاستدلال باطل من وجوه:  | 
		
1) أبو بكر إنما أطاع أمر النبي ﷺ في حديثه الصحيح المتفق عليه، فكيف يُعقل أن يغضب الله على من أطاع رسوله؟
2) فاطمة رضي الله عنها بشرٌ غير معصومة، وقد يفوتها العلم ببعض الأحاديث كما يفوت غيرها من الصحابة.
3) الحديث ضعيف السند، فلا يُحتج به في العقائد ولا في الأحكام.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إِذا مَسَّهُم طائِفٌ مِنَ الشَّيطانِ تَذَكَّروا فَإِذا هُم مُبصِرونَ﴾ ⦗الأعراف: 201⦘.
وهذا يشمل كل مؤمن صالح، بمن فيهم الصحابة وأهل البيت.
			الردّ على الشبهة الشيعية | 
		
🟠 أولاً: فاطمة رضي الله عنها ليست معصومة
الشيعة يغلون في فاطمة ويجعلونها كائنًا "جبروتيًا إلهيًا"، كما قال الخميني في كتابه منزلة المرأة في الإسلام (ص21)، وهذا شرك صريح.
أما عند أهل السنة، ففاطمة رضي الله عنها سيدة نساء أهل الجنة، لكنها بشر قد تنسى وتغضب وتُرضى مثل غيرها، كما قال الله عن موسى عليه السلام: ﴿قالَ لا تُؤاخِذني بِما نَسيتُ﴾ ⦗الكهف: 73⦘.
🟠 ثانياً: الروايات الشيعية تُناقض أنفسها
من روايات الشيعة أنفسهم ما يدل على أن فاطمة غضبت على عليّ رضي الله عنه في مواقف متعددة، مما يعني على قولهم أن الله غضب على عليّ! ومن ذلك ما يلي:
			رواياتهم التي تُبطل حجّتهم | 
		
1) غضبها على علي حين أغضبها النبي: روى المجلسي أن الحسن بن علي دخل على النبي ﷺ فأسرّ إليه سرًا، فتغيّر وجهه، ثم قام النبي إلى فاطمة وقال لعلي:
«يا أبا الحسن إياك وغضب فاطمة، فإن الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها» (بحار الأنوار 43/42، مجمع النورين ص142، مناقب آل أبي طالب 3/114).
2) قصة خطبة بنت أبي جهل:
جاء رجل إلى فاطمة فقال: أما علمت أن عليًا قد خطب بنت أبي جهل؟ فدخلها الغيرة…
(علل الشرائع ص185، جلاء العيون للمجلسي).
3) غضبها حين رأت جارية عند علي:
وحين رأت عليًا واضعًا رأسه على حجر جارية أهديت إليه قالت: يا أبا الحسن فعلتها؟
(علل الشرائع ص163، بحار الأنوار 43–44).
4) غضبها حين لم ينصرها في فدك:
قالت له: يا ابن أبي طالب، أهلكت شجعان الدهر، والآن غُلِبت من هؤلاء… فها هو ابن أبي قحافة يأخذ مني فدك…
(حق اليقين للمجلسي، الاحتجاج للطبرسي، الأمالي للصدوق ص295 ط. نجف).
بناءً على رواياتهم، إذا كان غضب فاطمة يستلزم غضب الله، فقد غضب الله – بزعمهم – على عليّ رضي الله عنه!
فإما أن يتراجعوا عن غلوّهم، أو يلتزموا بما لا يقول به عاقل. وهذا يبطل استدلالهم بالحديث من أصله، ويكشف فساد عقيدتهم القائمة على العاطفة والغلوّ لا على الدليل.
			خاتمة | 
		
يتّضح مما سبق أن حديث «إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» حديث ضعيف لا يصحّ الاحتجاج به، وأن استدلال الشيعة به على الطعن في أبي بكر الصديق رضي الله عنه باطل من جميع الوجوه، بل هو حجة عليهم؛ إذ ترد في كتبهم روايات تجعل فاطمة تغضب على علي، فهل يُغضب الله على عليّ أيضًا؟!
إنها عقيدة تقوم على التناقض والغلوّ. أما أهل السنة والجماعة فيحبّون فاطمة رضي الله عنها محبةً شرعية دون تأليه ولا تقديس، ويبرّئون أبا بكر من كل ما نسبه إليه أهل الزيغ والضلال.
			المصادر | 
		
◘ المستدرك على الصحيحين للحاكم (3/154) – حديث رقم (4729).
◘ تلخيص المستدرك للذهبي.
◘ مجمع الزوائد للهيثمي (5/183).
◘ تفسير الطبري (2/245).
◘ بحار الأنوار للمجلسي (43/42).
◘ علل الشرائع للشيخ القمي (ص185).
◘ حق اليقين للمجلسي (بحث فدك).
◘ الاحتجاج للطبرسي.
◘ الأمالي للصدوق (ص295 ط. نجف).
◘ منزلة المرأة في الإسلام للخميني (ص21).