قرصت نملة نبيًّا من الأنبياء –
إنّ من أبرز سمات الفرق الضالّة التناقض في المواقف والموازين؛ فيستنكرون ما ورد في الصحيح الثابت من السنّة، ثم يروون في كتبهم ما هو أشنع وأبعد عن المنطق والعقل. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك إنكارهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم في قصة النملة التي قرصت نبيًّا من الأنبياء، مع أن الحديث في صحيح البخاري بسندٍ لا مطعن فيه، بل يدلّ على رحمة الله ورفقه بخلقه، وتحذيره من الظلم ولو تجاه أصغر المخلوقات.
ومع ذلك، نرى الرافضة يطعنون في الحديث ويسخرون من راويه، بينما رواياتهم تبيح ما هو أعظم من ذلك من قتلٍ وإحراقٍ للحشرات بل وللبشر. وفي هذا المقال نعرض النصوص كما هي، ونبيّن وجه الحقّ والردّ العلميّ عليها.
نصّ الحديث الصحيح:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «قرصت نملة نبيًّا من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأُحرقت، فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملةٌ أحرقتَ أُمّةً من الأمم تُسبّح» -رواه البخاري (ح 2856).
إنكار الرافضة للحديث:
وقد استنكر الرافضة قتل النمل حتى قال محمد صادق النجمي: «ولم نعلم من أيّ القصاص أخذ أبو هريرة هذا الحديث» (أضواء على الصحيحين، ص225).
ووصفه عبد الحسين بأنه من قَولِ المخرفين: (أبو هريرة، ص85).
الردّ على شبهتهم:
هؤلاء الجاهلون لا يدرون أن الرواية عن جعفر الصادق عندهم تجيز قتل النمل وإحراقه!
فعن مسعدة بن زياد: سُئل جعفر عن قتل النمل والحيات في الدور إذا آذين فقال: «لا بأس بقتلهن وإحراقهن إذا آذين» (قرب الإسناد للحميري القمي، ص83، بحار الأنوار 73/339).
وفي رواية أخرى:
«لا تقتلها إلا أن تؤذيك» (وسائل الشيعة 24/149). بل تناقضوا فأجازوا إحراقها حتى لو لم تكن تؤذي!
♦ فعن ابن سنان قال: قال أبو عبد الله: «لا بأس بقتل النمل آذتك أو لم تؤذك» (بحار الأنوار 61/268).
♦ ويروي المجلسي هذا الحديث ثم يبيّن لنا أن قتل النمل كان فيمن قبلنا: (بحار الأنوار 61/243).
♦ ويصرّح الحرّ العاملي بأن النهي عن قتل النمل إنما هو مخصوصٌ بمن لا يؤذي: (وسائل الشيعة 8/392).
فبعد هذا كلّه يلزم عبد الحسين (عبد المخلوق) وصاحبه النجمي أن يعترفا بأن مصدر القصص والخرافة هو رواياتهم عن أئمّتهم.
يقتلون البشر ويشفقون على النمل!
يقتلون البشر ويشفقون على النمل:
الرافضة يستنكرون قتل نملةٍ، بينما لا يستنكرون ما فعله المجرم الرافضي نصير الدين الطوسي الذي غدر بالمسلمين، وتآمر مع قائد التتار هولاكو ليغير على المسلمين في العراق، ويتسبب بقتل مليوني مسلم، كل ذلك بتحريضٍ منه على قتلهم.
وفي تناقضهم هذا يشبهون الهندوس الذين يحرّمون على أنفسهم قتل الحيوانات والحشرات بينما يستحلّون دماء المسلمين بالآلاف.
عليٌّ يحرق البشر وليس النمل:
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
«وجد رجلٌ مع رجلٍ في إمارة عمر فهرب أحدهما وأُخذ الآخر، فجِيء به إلى عمر فقال للناس: ما ترون؟ فقال هذا: اصنع كذا، وقال هذا: اصنع كذا، فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟ قال: اضرب عنقه، فضرب عنقه، ثم أراد أن يحمله فقال: مَه، إنه قد بقي من حدوده شيء، قال: أيّ شيءٍ بقي؟ قال: ادعُ بحطب، فدعا عمر بحطب، فأمر به أمير المؤمنين عليه السلام فأحرق به»
(الكافي 7/280، وصحّحه المجلسي في مرآة العقول 3/304).
ونذكرهم أيضًا بما قاله شيخهم المفيد:
«الغُلاة من المتظاهرين بالإسلام – يقصد السبئية – الذين نسبوا أمير المؤمنين عليًّا والأئمة من ذريته إلى الألوهية والنبوة، فحكم فيهم أمير المؤمنين بالقتل والتحريق بالنار» (شرح عقائد الصدور، ص257).
♦ وقال النوري الطبرسي: «أُتي عليه السلام بزنادقة فقتلهم ثم أحرقهم بالنار» (مستدرك الوسائل 18/117، أعيان الشيعة 2/42).
وجاء في (الحدائق الناضرة 13/227) نقلًا عن البهائي أن عليًّا رضي الله عنه أحرقهم بالنار.
♦ وقال القاضي النعمان: «ورُوينا عنه عليه السلام أنه أُتي بزنادقة فقتلهم ثم أحرقهم» (دعائم الإسلام 1/346).
الخاتمة:
لقد تبيّن من خلال النصوص أن الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه في قصة النملة حديثٌ صحيح ثابت في البخاري، يحمل معنى تربويًا عظيمًا في النهي عن الظلم ولو في أهون صوره، بينما الطعن فيه جهلٌ وسوء قصدٍ من فرقةٍ ضالّةٍ لا تثبت على مبدأ.
فقد جمع الرافضة بين إنكار حديثٍ صحيح وبين إثبات ما هو أشدّ منه في رواياتهم، بل تعدّوا إلى تبرير قتل البشر باسم الدين، فكان تناقضهم شاهدًا على بطلان مذهبهم وسقوط دعواهم.
المصادر:
1) البخاري، صحيح البخاري، حديث رقم 2856.
2) محمد صادق النجمي، أضواء على الصحيحين، ص225.
3) عبد الحسين الموسوي، أبو هريرة، ص85.
4) الحميري القمي، قرب الإسناد، ص83.
5) المجلسي، بحار الأنوار، 61/243، 61/268، 73/339.
6) الحرّ العاملي، وسائل الشيعة، 8/392، 24/149.
7) الكليني، الكافي، 7/280.
8) المجلسي، مرآة العقول، 3/304.
9) المفيد، شرح عقائد الصدور، ص257.
10) النوري الطبرسي، مستدرك الوسائل، 18/117.
11) العاملي، الحدائق الناضرة، 13/227.
12) القاضي النعمان، دعائم الإسلام، 1/346.
13) الأميني، أعيان الشيعة، 2/42.