يُعَدّ الركاز من المسائل الفقهية التي تناولها العلماء بالبحث والدراسة، لما يتعلق به من أحكام شرعية تخصّ الأموال المكتشفة المدفونة في الأرض. وقد وردت في شأنه أحاديث متعددة، منها الصحيح ومنها الضعيف، تدور حول تعريف الركاز ومقدار ما يجب فيه من الزكاة أو الخُمس. ومن الروايات التي اشتهرت على ألسنة بعض الناس حديث: «الركاز الذهب والفضة الذي خلقه الله في الأرض يوم خُلقت»، وهو حديث ضعيف لا يصحّ نسبته إلى النبي ﷺ، كما بيّن ذلك عدد من كبار المحدّثين.

وفي هذا المقال نعرض دراسة موجزة للرواية المذكورة، مع بيان درجتها، وذكر أقوال أهل العلم في ضعفها، ومقارنتها بالحديث الصحيح الثابت في الركاز، وهو قوله ﷺ: «في الركاز الخُمس». كما نوضّح سبب ضعف الحديث الأول، ونتبيّن أثر هذا الضعف في الحكم الشرعي، بما يبيّن للقارئ المنهج الصحيح في التثبّت من الروايات قبل العمل بها.

روى بعض المحدّثين حديثًا بلفظ:

«الركاز الذهب والفضة الذي خلقه الله في الأرض يوم خُلقت»

وقد تفرّد بروايته عبد الله بن سعيد المقبري، وهو راوٍ ضعيف جدًا، كما نصّ على ذلك الإمام البيهقي في كتابه السنن الكبرى (2/452)، حيث قال:

«تفرد به عبد الله بن سعيد المقبري، وهو ضعيف جدًا».

كما أشار المناوي في فيض القدير (4/58) إلى ضعف هذا الحديث، وصرّح الزيلعي في نصب الراية (2/380) بأنه مخالف للحديث النبوي الصحيح المشهور في الركاز، وهو قوله ﷺ:

«في الركاز الخُمس» (رواه البخاري ومسلم).

وبذلك يتبيّن أن الحديث الأول لا يصحّ عن النبي ﷺ من جهة السند، كما أنه مخالف في معناه لما ثبت في الصحيح. وقد أكد هذا الحكم أيضًا العلامة الألباني، حيث ضعّف هذا الحديث وما بعده في كتابه ضعيف الجامع الصغير (رقم 3163 و3164).

فالحديث الصحيح الثابت في الركاز هو قوله ﷺ:

«وفي الركاز الخُمس»

(صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب في الركاز الخُمس، حديث رقم 1499).

الركاز في اللغة والاصطلاح:

ومعنى الركاز في اللغة:

 هو ما رُكِزَ في الأرض، أي دُفِن فيها.

 وفي الاصطلاح الفقهي:

هو المال المدفون من دفائن الجاهلية، سواء كان ذهبًا أو فضةً أو غيرهما من المعادن الثمينة. وقد أجمع العلماء على أن في الركاز خُمسًا يُصرف في مصارف بيت المال، لا على أنه زكاة، وإنما هو من الفيء أو الغنيمة.

مختارات من مقالات السقيفة

  - هل ينفع النبي عندكم أيها الشيعة؟

- الكذب والغيبة عند الشيعة من مفطرات الصيام

- إلزام (إسحاق هو ذبيح الله وليس اسماعيل عليهما السلام)

- إلزام: لماذا الولاية ليست ضمن أركان الإسلام الخمس

- روايات الشيعة في تفسير "أولي الإربة" وتناقضها

وأما المعادن المستخرجة من باطن الأرض بجهد الإنسان، فحكمها يختلف عن الركاز؛ لأن فيها الزكاة إذا بلغت نصابًا وحال عليها الحول، كما هو رأي جمهور الفقهاء.

ومن هنا يظهر الفرق بين الركاز المعدني الطبيعي: وبين الأموال المدفونة التي تعود إلى الجاهلية، إذ لكلٍّ حكمه ومقداره. وقد جاء الشرع بإثبات الحكم في الركاز بنص صحيح صريح، وبيّن مقصوده دون لبس، بخلاف الحديث الضعيف الذي لا تقوم به الحجة ولا يصحّ الاعتماد عليه في التشريع.

المصادر:

1)  البيهقي، السنن الكبرى (2/452).

2)  الزيلعي، نصب الراية (2/380).

3)  المناوي، فيض القدير (4/58).

4)  الألباني، ضعيف الجامع الصغير (رقم 3163 و3164).

5)  صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب في الركاز الخُمس.

6)  صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب في الركاز الخُمس.