من مظاهر الغلو والانحراف عند فرقة الشيعة الإمامية الاثني عشرية اعتقادهم أن الله تعالى خلق النبي ﷺ والأئمة من نور عظمته، وأن وجودهم أزليّ سابق للخلق، بل إنهم يجعلونهم كائنات نورانية أو ملكوتية تشترك مع الألوهية في صفاتٍ من خصائص الله عز وجل. وهذه العقيدة الخطيرة تتنافى مع التوحيد، وتُخالف نصوص القرآن الكريم التي تؤكد أن جميع المخلوقات — ومنهم الأنبياء — عبادٌ لله مخلوقون مربوبون، قال تعالى:

﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ وفي هذا المقال نعرض نماذج من رواياتهم ومقولات كبار علمائهم في هذا الباب، ثم نبيّن التناقض العقدي والرد الصحيح من الكتاب والسنة.

قال محمد تقي المجلسي:

" وفي القوي كالصحيح، عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله خلقنا من نور عظمته ثمَّ صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش فأسكن ذلك النور فيه فكنا نحن خلقا وبشرا نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيب وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة، ولم يجعل الله لأحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للأنبياء والمرسلين فلذلك صرنا نحن وهم الناس وصار سائر الناس همجا للنار وإلى النار " اهـ

روضة المتقين - محمد تقي المجلسي - ج 13 ص 222 223

وفي الكافي:

" مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وغَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ بَلَغَ بِي جَبْرَئِيلُ مَكَاناً لَمْ يَطَأْهُ قَطُّ جَبْرَئِيلُ فَكَشَفَ لَهُ فَأَرَاهُ اللَّهُ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أَحَبَّ " اهـ

- الكافي - الكليني - ج 1 ص 98، وقال المجلسي عن الرواية في مرىة العقول - صحيح - ج 1 ص 338

قال الكليني:

" مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام) أَسْأَلُهُ كَيْفَ يَعْبُدُ الْعَبْدُ رَبَّهُ وهُوَ لَا يَرَاهُ فَوَقَّعَ (عليه السلام) يَا أَبَا يُوسُفَ جَلَّ سَيِّدِي ومَوْلَايَ والْمُنْعِمُ عَلَيَّ وعَلَى آبَائِي أَنْ يُرَى قَالَ وسَأَلْتُهُ هَلْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) رَبَّهُ فَوَقَّعَ (عليه السلام) إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى أَرَى رَسُولَهُ بِقَلْبِهِ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أَحَبَّ " اهـ

337 - الكافي - الكليني - ج 1 ص 95، وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول - مجهول او صحيح - ج 1 ص 327َ

قال الهاشمي:

"وختاما نورد بعض كلمات الفقيه الحكيم، العارف الكامل، الامام المجاهد روح الله الموسوي الخميني (قدس سره) في حق مولاتنا سيدة الكونين الزهراء المرضية صلوات الله وسلامه عليها، لما تحويه من معان دقيقة ومعارف سامية، ترشدنا إلى رفيع مكانتها وجليل منزلتها وعظيم مقامها... قال (رضوان الله عليه): (إن مختلف الابعاد التي يمكن تصورها للمرأة وللإنسان تجسدت في شخصية فاطمة الزهراء عليها السلام. لم تكن الزهراء امرأة عادية، كانت امرأة روحانية... امرأة ملكوتية... كانت إنسانا بتمام معنى الكلمة... نسخة إنسانية متكاملة... امرأة حقيقية كاملة... حقيقة الانسان الكامل. لم تكن امرأة عادية بل هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود بصورة إنسان... بل كائن إلهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة " اهـ

حوار مع فضل الله حول الزهراء - هاشم الهاشمي - ص 95

ولقد صرح المفيد بازلية وجود رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، حيث قال: " فصل. وقوله إن النبي ولد مبعوثا ولم يزل نبيا، فإنه محتمل الحق من المقابل، وباطل فيه عليه حال. فإن أراد بذلك أنه لم يزل في الحكم مبعوثا في العلم نبيا فهو كذلك. وإن أراد أنه لم يزل موجودا في الأزل ناطقا رسولا وكان في العلم نبيا فهو كذلك. وإن أراد أنه لم يزل موجودا في الأزل ناطقا رسولا، وكان في حال ولادته نبيا مرسلا كان بعد الأربعين من عمره فذلك باطل، لا يذهب إليه إلا ناقص غبي، لا يفهم عن نفسه ما يقول، والله المستعان وبه التوفيق " اهـ

المسائل العكبرية - المفيد - ص 121

الرد والتحليل:

تُظهر هذه النصوص أن الشيعة يعتقدون بخلق النبي ﷺ والأئمة من نور الله أو نور عظمته، مما يُوحي بأنهم يشاركون الله في صفاتٍ من صفاته، وهذا انحرافٌ صريح عن أصل التوحيد.

الله تعالى يقول بوضوح: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [سورة الزمر: 62]. فالنبي ﷺ مخلوق كسائر الخلق، كرّمه الله بالرسالة، ولم يكن أزليّاً ولا جزءاً من نور الله عز وجل.

أما زعم الخميني أن الزهراء كائن إلهي جبروتي، فذلك غلوٌّ يُفضي إلى تأليه المخلوق، وهو شبيه بقول النصارى في عيسى عليه السلام، وقد نهى النبي ﷺ أمّته عن مثل هذا الغلو فقال: «لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله» (رواه البخاري).

الخلاصة:

§فرقة الشيعة تزعم أن النبي ﷺ والأئمة مخلوقون من نور الله، وأن وجودهم أزلي.

§ هذا القول يُخالف صريح القرآن الكريم والسنة النبوية.

§ جميع الخلق — ومنهم الأنبياء — مخلوقون مربوبون لا يشاركون الله في شيء من صفاته.

المصادر:

1)     روضة المتقين محمد تقي المجلسي ج 13 ص 222223.

2)     الكافي الكليني ج 1 ص 9598.

3)     مرآة العقول المجلسي ج 1 ص 327338.

4)     حوار مع فضل الله حول الزهراء هاشم الهاشمي ص 95.

5)     المسائل العكبرية الشيخ المفيد ص 121.

6)     القرآن الكريم.