يُعَدّ موضوع تحريف القرآن الكريم من أخطر القضايا التي تُظهِر الانحراف العقدي لدى الفرقة الشيعية الإمامية، إذ تناقلت كتبهم المعتبرة كـ الكافي وتفسير العياشي وبحار الأنوار والتفسير الصافي روايات صريحة تزعم أنّ آيات القرآن نزلت تتضمّن ولاية عليّ رضي الله عنه، وأنّ الصحابة حذفوا هذه المواضع عمدًا من المصحف. وهذه المزاعم تُثبت بوضوح أنّ القوم لا يؤمنون بحفظ الله لكتابه، خلافًا لما أجمع عليه المسلمون من قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9].

هذا المقال يقدّم عرضًا دقيقًا للنصوص التي أوردها الكافي وتفسير العياشي وغيرهما، والتي تنسب إلى الأئمة زورًا قولهم بتحريف القرآن، ثم يبيّن خطورة هذه العقيدة على أصل الدين، وكيف تتناقض مع أبسط مبادئ التوحيد والإيمان بالوحي. كما يُظهر المقال أن هذه الروايات لم تَرِد في مصدرٍ واحدٍ فقط، بل تواترت في عددٍ من كتبهم الكبرى دون أن يُضعِّفها كبار علمائهم، مما يدل على أنّ الاعتقاد بتحريف القرآن عند الشيعة الأوائل كان من صميم مذهبهم.

نصوص التحريف كما وردت في مصادر الشيعة:

1-      روى الكليني في الكافي (2/381):

عن جابر قال: «نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية على محمد هكذا: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فِي عَلِيٍّ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾».

2-  الكليني في الكافي (2/38):

عن أبي جعفر عليه السلام قال: «نزل جبرائيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية هكذا: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي عَلِيٍّ بَغْيًا﴾».

3-  الكليني في الكافي (2/283):

عن جابر بن أبي جعفر عليه السلام قال: «﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمْ بِوِلَايَةِ عَلِيٍّ اسْتَكْبَرْتُمْ من آل محمد، ففريقًا كذبتم وفريقًا تقتلون».

4-  تفسير العياشي (1/285):

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «نزل جبرائيل بهذه الآية هكذا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ».

5-  عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى:

﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ كَلِمَاتٍ فِي مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ فَنَسِيَ، قال: «هكذا والله نزلت على محمد صلى الله عليه وآله وسلم».

المصدر: الكافي (2/379)، المناقب للمازندراني (3/320).

6-  عن الرضا عليه السلام في قوله تعالى:

﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِوِلَايَةِ عَلِيٍّ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ مِنْ وِلَايَةِ عَلِيٍّ، قال: «هكذا في الكتاب محفوظ».

المصدر: المناقب (3/107)، الكافي (2/283).

7-  عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى:

﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي وِلَايَةِ عَلِيٍّ وَوِلَايَةِ الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا، قال: «هكذا نزلت».

المصدر: الكافي (2/372).

الرواية الأشهر:

عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِلْكَافِرِينَ (بِوِلَايَةِ عَلِيٍّ) لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ،

فقال: «هكذا والله نزل بها جبريل على محمد صلى الله عليه وآله، وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة».

المصادر: الكافي (8/57-58)، بحار الأنوار (35/324 و37/176)، التفسير الصافي للكاشاني (5/224)، تفسير نور الثقلين (2/531 و5/412)، مدينة المعاجز لهاشم البحراني (2/266).

التحليل والمناقشة:

يتبيّن من هذه النصوص أنّ الفرقة الشيعية أضافت عبارات تتعلق بولاية عليّ إلى آيات القرآن الكريم، وزعمت أنّها من التنزيل، ثم ادّعت أنّها حُذفت من المصحف بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه المرويات لم تَرِد في مصدرٍ واحدٍ يمكن الشكّ فيه، بل تكرّرت في أكثر من خمسة مصادر أساسية من كتبهم المعتمدة دون أي طعنٍ في رواتها.

فكيف يزعمون بعد ذلك أنّهم يؤمنون بالقرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم؟!
إنّ هذه الروايات تُظهر بما لا يدع مجالاً للشك أنّ التحريف في القرآن عقيدة راسخة في كتبهم الأولى، وأنّ القول بخلاف ذلك اليوم إنما هو تقية سياسية لا أكثر.
وإذا كانت هذه الكتب وهي أعمدة المذهب الشيعي مليئة بهذه الروايات دون نقد أو تضعيف، فكيف يُمكن بعد ذلك تصديق من يزعم أنّهم على منهج الإسلام الصحيح؟

الخلاصة:

الروايات المذكورة في الكافي وتفسير العياشي وبحار الأنوار تُثبت زعم الشيعة بتحريف القرآن وإضافة ولاية عليّ في النصوص.

هذه الروايات لم تُضعّف في كتبهم، بل نقلها كبار علمائهم مقرين بها.

القول بتحريف القرآن طعن في الوحي وفي وعد الله بحفظ كتابه، وخروجٌ عن جماعة المسلمين.

الواجب على كل باحث منصف أن يُدرك أنّ هذا المذهب بُنِي على عقيدة فاسدة تُناقض أصل الدين.

المصادر:

1-  الكافي للكليني، ج 2 ص 38، 283، 372، 379، 381، ج 8 ص 5758.

2-  تفسير العياشي، ج 1 ص 285.

3-  مناقب آل أبي طالب للمازندراني، ج 3 ص 107، 320.

4-  بحار الأنوار للمجلسي، ج 35 ص 324، ج 37 ص 176.

5-  التفسير الصافي للكاشاني، ج 5 ص 224.

6-  تفسير نور الثقلين، ج 2 ص 531، ج 5 ص 412.

7-  مدينة المعاجز لهاشم البحراني، ج 2 ص 266.