يُعَدّ حديث الغدير من أكثر الأحاديث التي ثار حولها الجدل بين المذاهب الإسلامية، لما له من صلةٍ بموضوع الإمامة والولاية. وقد تناقل المحدثون روايات متعدّدة حول قول النبي ﷺ في غدير خم: «من كنت مولاه فعليّ مولاه».
تُبرز هذه الدراسة النصوص الواردة في الحديث، وتبحث في أسانيدها ودلالاتها، كما تناقش المزاعم القائلة بنزول آية ﴿اليومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم﴾ يوم الغدير، مع عرض موقف العلماء والمحدثين من صحة هذه الروايات.
| 
			 نص الحديث ورواياته:  | 
		
روى حبشون بن موسى بن أيوب الخلال قال: حدثنا علي بن سعيد الرملي، حدثنا ضمرة بن ربيعة القرشي، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
«من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً، وهو يوم غدير خم، لما أخذ النبي ﷺ بيد علي بن أبي طالب فقال: ألستُ وليَّ المؤمنين؟ قالوا: بلى يا رسول الله.
| 
			 مختارات من موقع السقيفة:  | 
		
| 
			 موقف عمر سهم أهل البيت من الخمس خطورة الرافضة على الإسلام وأهله أسماء أشخاص أو فرق حذر الذهبي من مصنفاتهم  | 
		
قال: من كنتُ مولاه فعليّ مولاه.
فقال عمر بن الخطاب: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب، أصبحتَ مولاي ومولى كلّ مسلم، فأنزل الله تعالى: ﴿اليومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وأَتمَمتُ عَلَيكُم نعمتي ورَضيتُ لَكُم الإِسلامَ دينًا﴾ [المائدة: 3]».
قال المحدثون:
هذا إسناد ضعيف، لضعف مطر الورّاق وشهر بن حوشب، كما أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (8/289).
ووصف النبي ﷺ لعلي بأنه «مولى» لا علاقة له بالإمامة أو الخلافة؛ فقد ورد في صحيح البخاري (حديث رقم 2699).
أن النبي ﷺ قال لزيد بن حارثة: «أنتَ أخونا ومولانا»، وهذا يدل على أن كلمة مولى قد تُستعمل بمعنى المحبة والولاء لا بمعنى الإمامة والسيادة.
وعلى القول بصحة الحديث فإن فيه مصيبة:
كيف يقول عمر لعلي: (أصبحت مولاي) مع أن الإمام هو رسول الله.
فإن معناه كما اعترف الشيعة أن الفائدة من هذا الحديث معرفة من يوالي الناس عند الفرقة بين الطائفتين المقتتلتين. فقد سأل الحسن بن طريف الحسن العسكري (الإمام الحادي عشر) عن معنى قول النبي e من كنت مولاه فعلي مولاه).
فأجاب: «أراد بذلك أن جعله علما يعرف به حزب الله عند الفرقة» (كشف الغمة3/303 بحار الأنوار37/223 و50/290 إثبات الهداة2/139).
| 
			 دلالة لفظ "مولى" في الحديث:  | 
		
لفظ مولى في اللغة العربية يحمل معاني متعدّدة، منها: الناصر، الولي، الصاحب، الحليف، المحب، السيد، العبد.
ولذلك، فليس في اللفظ ذاته ما يدل على الإمامة السياسية أو الخلافة الدينية إلا بقرينة صريحة.
وسياق الحديث كان عقب شكوى بعض الصحابة من عليّ رضي الله عنه أثناء عودتهم من اليمن، فأراد النبي ﷺ أن يبيّن مكانة عليّ ويدفع ما وقع في النفوس من ملام، فقال: «من كنتُ مولاه فعليّ مولاه»، أي من كنتُ أحبَّه ويواليَنِي ويوالي الله ورسوله، فعليّ أيضًا له حقّ المحبّة والموالاة.
وقد ورد عن الحسن العسكري (الإمام الحادي عشر عند الشيعة) تفسيرٌ قريب من هذا المعنى؛ إذ قال في جوابٍ عن معنى قول النبي ﷺ: «من كنت مولاه فعلي مولاه»:
«أراد بذلك أن يجعله علماً يُعرف به حزب الله عند الفرقة».
(كشف الغمة 3/303، بحار الأنوار 37/223 و50/290، إثبات الهداة 2/139).
وهذا يدل على أن المقصود هو تمييز الموالين لأهل البيت عند الخلاف والفرقة، لا إعلان الإمامة السياسية.
| 
			 المصادر  | 
		
1- صحيح البخاري، حديث (2699، 4407).
2- مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج4 ص281.
3- تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي (8/289).
4- تفسير الطبري (6/84)