من الأحاديث التي كثر تداولها في كتب الشيعة، وتنوعت حولها الأقوال والتفسيرات، حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية». وقد استغلّ بعض أصحاب الأهواء هذا الحديث لترويج معتقدات باطلة تخالف صريح القرآن والسنة، فحملوه على وجوب معرفة إمامٍ معينٍ في كل زمان، بل نسبوه إلى دعاوى غيبية وأئمة مختفين، في حين أن أهل التحقيق من علماء الحديث والفقه واللغة بيّنوا أن هذا اللفظ لا أصل له بهذا الشكل، وأن الثابت في الصحيح هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية». والفرق بين اللفظين جوهري، إذ يتعلق الأول بادعاء إمامٍ مجهول لا يراه أحد، بينما يتعلق الصحيح بثبوت الطاعة لإمامٍ قائمٍ ظاهرٍ تجتمع عليه الأمة.
إن هذا الحديث الثابت في صحيح مسلم وغيره لا يتحدث عن معرفة الإمام الغائب، بل عن التزام الجماعة والبيعة للإمام الشرعي الذي تجتمع عليه كلمة المسلمين. فالميتة الجاهلية المقصودة هي ميتة من خرج عن جماعة المسلمين ونقض طاعتهم، لا من عاش في زمانٍ لم يوجد فيه إمام ظاهر. ومن الخطأ الجسيم تحميل الحديث ما لا يحتمل، أو جعله دليلاً على عقيدةٍ لا أصل لها، كما يفعل بعض الفرق التي تزعم وجود أئمة مستورين أو غائبين في السرداب، ثم تجعل الإيمان بهم شرطاً للنجاة.
من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية:
			قال أبو داود الطيالسي: | 
		
«ثنا خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي اللّه عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية، ومن نزع يدًا من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له» (مسند الطيالسي1/259).
			قال الحافظ ابن حجر: | 
		
« هذا إسناد ضعيف، لضعف خارجة بن مصعب» (إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة5/21). كذلك حكم الهيثمي بضعف إسناده (مجمع الزوائد5/218).
قال الامام الالباني رحمه الله: لا أصل له بهذا اللفظ.
			وقد قال الشيخ ابن تيمية: | 
		
والله ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا، وإنما المعروف ما روى مسلم أن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ".
| 
			 مختارات من موقع السقيفة:  | 
		
| 
			 موقف عمر سهم أهل البيت من الخمس خطورة الرافضة على الإسلام وأهله أسماء أشخاص أو فرق حذر الذهبي من مصنفاتهم  | 
		
وأقره الذهبي: في " مختصر منهاج السنة " (ص 28) وكفى بهما حجة، وهذا الحديث رأيته في بعض كتب الشيعة، ثم في بعض كتب القاديانية يستدلون به على وجوب الإيمان بدجالهم ميرزا غلام أحمد المتنبي، ولوصح هذا الحديث لما كان فيه أدنى إشارة إلى ما زعموا، وغاية ما فيه وجوب اتخاذ المسلمين إماما يبايعونه، وهذا حق كما دل عليه حديث مسلم وغيره.
ثم رأيت الحديث في كتاب " الأصول من الكافي " للكليني من علماء الشيعة رواه (1 / 377) عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن الفضيل عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله مرفوعا، وأبو عبد الله هو الحسين بن علي رضي الله عنهما.
لكن الفضيل هذا وهو الأعور أورده الطوسي الشيعي في " الفهرست " (ص126) ثم أبو جعفر السروي في " معالم العلماء " (ص 81).
ولم يذكرا في ترجمته غير أن له كتابا! وأما محمد بن عبد الجبار فلم يورداه مطلقا، وكذلك ليس له ذكر في شيء من كتبنا.
فهذا حال هذا الإسناد الوارد في كتابهم " الكافي " الذي هو أحسن كتبهم كما جاء في المقدمة (ص 33).
ومن أكاذيب الشيعة التي لا يمكن حصرها قول الخميني في " كشف الأسرار " (ص 197) :
وهناك حديث معروف لدى الشيعة وأهل السنة منقول عن النبي: ... ثم ذكره دون أن يقرنه بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وهذه عادته في هذا الكتاب! فقوله: وأهل السنة كذب ظاهر عليه لأنه غير معروف لديهم كما تقدم بل هو بظاهره باطل إن لم يفسر بحديث مسلم كما هو محقق في " المنهاج " و" مختصره " وحينئذ فالحديث حجة عليهم فراجعهما.
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ج 1 ص 525
والحديث متعلق بمن مات بريئا من بيعة إمامه. ولكن ماذا لو اختبأ عنه إمامه وقرر أن يوليها ظهره ويبقى في سرداب: ألا يكون هذا الإمام إمام جاهلية؟
ما ذنب من لم يعرف إمامه لاختبائه في سرداب؟ أليس هذا تكليفا بما لا يطاق؟
وهذا الحديث يوضحه ما رواه زيد بن أسلم عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من نزع يدا من طاعة فلا حجة له يوم القيامة ومن مات مفارقا للجماعة فقد مات ميتة جاهلية».
وفرق بين من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد تكون الأمة في وقت من الأوقات خالية عن إمام. وبين من يكون له إمام يبايعه المسلمون ولكنه يخرج هو عن طاعته.